No Script

اتجاهات

القوة الناعمة الكروية في إطار إعادة التموضع السعودي

تصغير
تكبير

خلال السنوات الخمس الماضية، صدرت عشرات الكتب، وكُتبت مئات المقالات، وأُجريت عشرات اللقاءات مع أبرز المحللين السياسيين في العالم، نذكر منهم الكاتب الأميركي المرموق توماس فريدمان. في شأن فهم وتفسير النقلة النوعية الكبيرة التي شهدتها السعودية داخلياً وخارجياً.

إذ في زمن قياسي لا يُعد شيئاً في حياة وتاريخ الأمم؛ انتقلت السعودية اقتصادياً، واجتماعياً، وثقافياً، وخارجياً إلى مراحل ومستويات أخرى مختلفة جذرياً عن السابق.

وفي شأن السياسة الخارجية، انتقلت السعودية إلى مرحلة إعادة تموضع ملفت، حيث التحوّل من الانكفاء الداخلي، والإقليمي النسبي، إلى القيادة الإقليمية، والتأثير خارجياً في ميادين كثيرة مؤثرة في السياسة الدولية، والتنويع والموازنة بين الشركاء الدوليين.

وفي ميدان آخر، وهو القوة الناعمة، أصبحت السعودية تتصدر مؤشرات القوة الناعمة الدولية بفضل سلسلة الإصلاحات الاجتماعية والجذرية الواسعة في المملكة. وبفضل أيضاً خطط المملكة الرامية بان تصبح أكبر مقصد سياحي على البحر الأحمر، وبناء مدينة ذكية حضارية واسعة «مدينة نيوم». علاوة على خطط التحوّل نحو الطاقة المتجددة، والمساهمة عالمياً في حل أزمة التغير المناخي، والإصلاح الجذري للتعليم وحقوق المرأة ونبذ التطرف عالمياً.

وفي الآونة الأخيرة، جذبت المملكة اهتمام العالم إثر استقطاب أشهر أساطير كرة القدم في تاريخها بصفات مالية خيالية، كاللاعب البرتغالي الأسطورة كريستيانو رونالدو، وافضل لاعب في العالم لعام 2022 الأسطورة كريم بنزيما. وبحسب ما تتناقله وسائل الإعلام أن صفقة اللاعب «ميسي» أفضل لاعب في التاريخ كانت قاب قوسين أن تتم قبل أن تفشل وينتقل ميسي إلى أميركا. وقائمة اللاعبين العالميين المحتمل ذهابهم للدوري السعودي تطول.

ويتساءل الكثيرون إقليماً وعالمياً، عن بواعث المملكة استقطاب تلك الأساطير الكروية عبر صفقات مالية خيالية. والجواب ببساطة يكمُن في الإضافة المذهلة التي تضيفها كرة القدم للقوة الناعمة للدول.

ففي سياق إعادة التموضع السعودي خارجياً، تسعى المملكة بشكل جلي أن تكون قوة كبرى صاعدة في النظام الدولي تضاهي القوة الصاعدة كالبرازيل والهند وتركيا. بل أن إمكانات المملكة الاقتصادية ومكانتها الدولية في سوق الطاقة العالمي، ومكانتها في العالم الإسلامي، علاوة على التحديث والتطوير الكبير الذي تشهده القوة العسكرية السعودية، تتفوق عن الكثير من القوى الصاعدة الأخرى. ولتمكين قوتها الصاعدة بل مناطحة القوى العظمى، ينبغي إذا تركيز الجهد على القوة الناعمة التي أصبحت أحد اهم عناصر القوة الشاملة الرئيسية للدول في ظل تعددية النظام الدولي، وتعقد قضاياها، وهيمنة المعلوماتية والفضاء الإلكتروني.

وتمثل كرة القدم بحق، أحد اهم عناصر القوة الناعمة الجاذبة، فالبرازيل على سبيل المثال، تنبع شهرتها العالمية من كرة القدم في المقام الأول. وعندما يضاهى الدوري السعودي دوريات أوروبا العالمية عبر أساطيره الكروية التي تلعب فيه، ستتحوّل أنظار الملايين من مشاهدي كرة القدم إلى السعودية.

مما سيُساهم قطعاً في زيادة جاذبية السعودية وقوتها الناعمة وسمعتها الدولية، وسينعكس ذلك في زيادة السياحة للمملكة، وتنامي الاستثمارات الخارجية، وزيادة فرص العمل في ظل خطط المملكة الرامية من تقليص الاعتماد على ريع إيرادات النفط. علاوة على ذلك، ستزداد أهمية المملكة للدول الكبيرة ولحلفائها الكبار، مما يقوي من تحالفات المملكة ويُبعد عنها مخاطر وأطماع إقليمية كثيرة تُحدق بها.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي