«الاستثمار في الأحفوري سيستمر حتى انهيار الطلب عليه».
... أعلاه رسالة الشركات النفطية العملاقة إلى زبائنها، حتى تشهد هذه الشركات بأم أعينها انخفاض وانهيار الطلب العالمي على النفط، والتوجه العالمي على الطاقة النظيفة الخضراء والمتجددة المختلفة من الرياح والطاقة الشمسية.
في الوقت نفسه، ترى هذه الشركات بأن العوائد المالية على أرباحها من الاستثمار في الطاقة المتجددة أقل من النفط بـ50 في المئة. وهذا سبب آخر للانتظار. وهي ايضاً تخير ملّاكها بأن البديل حتى الآن غير مناسب. وهذا هو توجه الشركات النفطية الأوروبية. إلا ان الشركات النفطية الأميركية مستمرة في الوقود الأحفوري من النفط والغاز ومن دون توقف. ولهذا، نرى تدفق انتاج النفط في أميركا إلى معدلاته السابقة.
ويقودنا ذلك إلى التدفقات النفطية الجديدة من البرازيل وكندا، والآن نشاهد تطوراً في مبيعات النفط الخام الإيراني وبكميات قد تؤثر على اسعار النفط هبوطاً، ما قد يؤدي أيضاً إلى انخفاض آخر في انتاج نفوط (اوبك+). وهذا سيؤثر سلباً على عوائد دول المنظمة النفطية بانخفاض سعر النفط والإنتاج في آن واحد مقارنة مع اسعار النفط في العام الماضي والتي وصلت إلى أكثر من 120 دولاراً، ليتراجع الآن إلى 75 – 76 دولاراً.
حيث شاهدنا توقف ومقاطعة النفط الخام الروسي ما دفع اسعار النفط إلى المعدلات الماضية، إلا انه ومع امكانية روسيا ومرونتها خصوصاً في منح الخصومات، بالإضافة إلى النطاق السعري المعلن عند 60 دولاراً لنفطها الخام، و100 دولار للمنتجات والمشتقات البترولية، والتزامها المطلق بخفض الإنتاج وتعاون دول «أوبك» معها ادى إلى المعدل الحالي للنفط الخام وما دون 80 دولاراً.
فعلاً، الحالة النفطية غير مريحة بالرغم من التصريحات المختلفة سواء من داخل المنظمة ومن البيوت والبنوك المالية بأن النفط سيرتفع مع نهاية الربع الثالث من العام الجاري، لكن ذلك لن يتحقق قريباً مع التدفقات النفطية المختلفة. والأمر الآخر رؤية الإدارة الأميركية انه من المناسب الآن السماح لفنزويلا بزيادة انتاجها ومن ثم الضغط على الأسعار ليستفيد المواطن الأميركي من انخفاض اسعار بنزين السيارات كما هو الحال وفي فترة الصيف، ما قد يساعد الإدارة الأميركية في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وتدل المؤشرات على ان النفط سيبقى من دون وجود منافس له حتى بعد 10 سنوات تقريباً من الآن، ومن دون وجود بديل مناسب ومنافس من الوقود البيئي النظيف. والتوجه سيكون نحو الأخضر لكن عن بُعد حتى تتضح الرؤية ونرى مثلاً التخلص من الفحم في البداية.
وحتى مع قدوم وتزايد مبيعات المركبات الإلكترونية إلا ان هذا لن يحل محل المواد الأساسية والأولوية والمعتمدة على النفط لتصنيع السيارات من البلاستيك أو الحديد والتي تستخدم النفط كطاقة مولدة، ومن ثم مواصلة استعمال النفط لكن بقدر الإمكان خفض الانبعاثات الملوثه للبيئة، مع التركيز على خفض نسبة الكبريت خصوصاً في المشتقات والمواد البترولية المكررة، وقد نرى زيادة في طاقات التكرير في الهند والصين، وأيضاً مع المشاريع المشتركة بين الصين و«ارامكو» السعودية، ما يعني حتماً فترة اطول للنفط.
لكننا في الكويت نحتاج إلى اسعار افضل للنفط لتغطية مصاريفنا اليومية وميزانيتنا السنوية عند أكثر من 80 دولاراً، وعدم الوصول الى مرحلة الاقتراض، ما يعني اننا لم نعد حتى نغطي كلفة انتاج النفط مستقبلاً، والشركات النفطية العالمية قد ترى الأمر ذاته لمضاعفة ارباحها وتحقيق عوائد أعلى لملّاكها وحملة اسهمها.
كاتب ومحلل نفطي مستقل
naftikuwaiti@yahoo.com