قيم ومبادئ

47 نائباً والإصلاح ضايع!

تصغير
تكبير

اجتمع عدد غير مسبوق في تاريخ العمل النيابي بديوان الأخ العزيز محمد هايف، للتنسيق وترتيب الأولويات للخروج بتصور واضح لما يجب أن يكون عليه جدول الأعمال في قادم الأيام... والكل استبشر خيراً بهذه البداية الموفقة للإصلاح الشامل التي طال انتظارها ولا نريد لهذا التوجه العام أن يتحلل ويصاب بالوهن عندما تأتيه الحواجز والعقبات والحُفر السياسية... التي قال عنها جاسم الخرافي، رحمه الله، كلما نطلع من حفرة نطب بحفرة، كما لا نريد أن يُصاب بالوهن لمّا يصطدم بالواقع اليومي من الفساد الذي أصبح أشبه ما يكون بالسيستم العام!

نعم، نحن لا نريد تضخيم الأمور والتهويل والمبالغة في تخويف الناس وبالنهاية نلبس نظارة سوداء لا نرى في الكويت إلا السواد!

نعم، لا نريد لهذا التجمع للنواب أن يكون كالتجمعات السابقة تبدأ مع فورة حماس ونشوة النجاح ترتفع لتصل إلى عنان السماء ثم لا تلبث أن تخبو وتخبو وتتجمّد ثم تتحجّر مع طول الزمان، ثم يتحول شأن النائب كشأن عوام الناس. نعم، نريد لقطار الإصلاح أن يسير على السكة بلا معوقات وحتى نصل لهذه المرحلة لا بد ممن يريد الإصلاح أن يبدأ بنفسه أولاً فيصلحها ويكمّلها ثم يسعى لإكمال غيره وليس العكس!

وهذا الإصلاح المطلوب له قواعد وأُسس لا بد أن يقوم عليها لتأتي ثمارها وإلّا أصبح حراكاً منزوع البركة وصراخاً مأخوذ خيره وتجمعاً و(ردحة بالهواء)، وهذا ما لا نريده بالتأكيد حيث إن هناك شعارات رفعها النواب خلال الحملة الانتخابية، وهناك قواعد انتخابية خرجت بحرّ الشمس ورغم ظروف البعض الصحية والاجتماعية إلا أنه اختار أن يصوّت للكويت، وهذه أمانة تحمّلتموها يجب أداؤها كما أراد الله تعالى...

نعم هناك إصلاحات جرت في سنغافورة وماليزيا والصين واليابان والبرازيل وغيرها من البلاد، ولكنها لم تكن في يوم وليلة، كما أنها لم تكن مجردة من المصالح الخاصة ومع ذلك استمر قطار الإصلاح لأن الصالح العام كان هو الغاية ولولا فضل الله عليهم ما وصلوا إلى ما وصلوا إليه حتى دخلوا مرحلة منافسة الاقتصاد الأميركي، وهذا موافق للسّنن الإلهية قال تعالى: «كُلاً نمدُّ هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربّك وما كانَ عطاءُ ربّك مَحظوراً» الإسراء 20.

وهذا في سبيل الإصلاح المالي والاقتصادي أنّ مَن بذلَ الأسباب وسار على الدرب وصل سواء كان مؤمناً أو كافراً لأن مَن جدّ وجد ومَن زرع حصد.

قال الشاعر:

بقدر الكدّ تكتسب المعالي

ومن طلب العلا سهر الليالي

ومن رام العلا من غير كدٍ

أضاع العمر في طلب المحُال

ترومُ العزَّ ثم تنام ليلاً

يغوص البحر من طلب اللآلي

ولكن الإصلاح الذي ننشده في الكويت هو الإصلاح الشامل وليس الإصلاح الاقتصادي فقط، وهذا الإصلاح الشامل يجب أن يقف على أرضية صلبة وليست رخوة حتى ينطلق من هذه المنصة التي نأمل من هذا المجلس أن يبدأوها وباختصار المطلوب من 47 نائباً أو حتى من الخمسين نائباً تحديداً هو الوضوح في الكلام، فلا تتكلم بكلام عائم محتمل، وثانياً الصدق في التوجه لإصلاح الواقع ولا يهمنا التصريح الإعلامي والبهرجة الصحافية والهُليلة، إنما يهمنا الكلام الذي يدور - بالمختصر - وكذلك ما يعتلج في القلب من النوايا التي لا يعلمها إلّا علام الغيوب بمعنى آخر من أراد أن يتصدى للإصلاح يجب أن يتجرد هو من المصالح الخاصة ويكون قدوة لأهل بيته وأبنائه وقبيلته وطائفته ويعاملهم كما يعامل أي مواطن كويتي آخر.

وثانيا «وما أريدُ أن أُخالِفَكم إلى ما أنهاكم عنه» فلستُ أريدُ أن أنهاكم عن الفساد وأفعله أنا وحتى لا تتطرق إليّ التُهمة في ذلك بل ما أنهاكم عن أمر إلا وأنا أول مبادر لتركه.

وثالثة الأثافي «إنْ أُريدُ إلّا الإصلاحَ ما استطعتُ وما توفيقي إلّا بالله عليه توكلتُ وإليه أُنيب» أي ليس لي من المقاصد في عضوية مجلس الأمة ألا أن تُصلح أحوالكم يا أبناء دائرتي وتستقيم منافعكم وليس من المقاصد الخاصة لي وحدي شيء وما يحصل لي من التوفيق للخير والإصلاح والانفكاك من الشر والفساد إلا بالله تعالى لا بحولي ولا بقوتي ولا بحزبي وطائفتي.

فإذا وصلنا لهذه الحالة فأبشروا يا أهل الكويت الخير بقبال، وإلا فكما قال المثل المصري (سبع صنايع والبخت ضايع)!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي