نائب رئيس الجمعية الكويتية لتقنية المعلومات أكد ضرورة بلورة الاحتياجات المستقبلية في سوق العمل
العيدان لـ«الراي»: الذكاء الاصطناعي يهدد الوظائف
- الذكاء الاصطناعي يمثل تحدياً هائلاً لما يحمل من مخاطر رغم ما يتيحه من فرص
- نتمنى أن تبادر الجامعات إلى تبني تدريس برامج الذكاء الاصطناعي
- قادرون على صد الهجمات السيبرانية بإستراتيجية المستويين الأفقي والرأسي
- من الضروري تأسيس فروع للمركز السيبراني ليكون الجدار الأمني من أي اختراق إلكتروني
دعا نائب رئيس الجمعية الكويتية لتقنية المعلومات المهندس ناصر العيدان، إلى ضرورة إيجاد إستراتيجية وطنية واضحة للتعامل مع الذكاء الاصطناعي، باعتباره ثورة تكنولوجية تغزو العالم، وتدخل البشرية عصر الاندماج الوثيق للتفكير البشري مع الآلات، مع ما يؤثر على 80 في المئة من وظائف العاملين، وما يفتحه من آفاق تغيير في الجغرافيا السياسية والحروب وتكنولوجيا الأسلحة وغيرها.
واعتبر العيدان في حوار مع «الراي»، أن الذكاء الاصطناعي اليوم يشكل تحدياً هائلاً بما يحمله من المخاطر، إذ يهدد الأمن الالكتروني وبيانات الأفراد، إذا أسيء استخدامه، رغم ما يقدمه من فرص، تفرض علينا التعامل معه، لافتاً إلى ضرورة التنسيق بين ديوان الخدمة المدنية في الكويت والتعليم العالي، لتوفير برامج دراسية في الجامعات والبعثات، تتوافق مع ثورة الذكاء الاصطناعي، واصفاً وضع الكويت، بأنه متأخر كثيراً في هذا المجال، حيث تفتقر البلاد إلى البنية التحتية الرقمية اللازمة.
ورأى أن الكويت بحاجة الى تشريعات في شأن ثورة الذكاء الاصطناعي، معرباً عن الأمل في أن تأخذ الجامعات الحكومية والخاصة زمام المبادرة وتبني برامج تدريس الذكاء الاصطناعي.
وفي ما يلي نص الحوار:
• كيف تقيم سرعة تطور الذكاء الاصطناعي؟
- نحن في الحقيقة أمام ثورة تكنولوجية جديدة، بخلاف تلك التي حدثت في القرن العشرين، حيث إن قدرات الذكاء الاصطناعي تنمو بشكل أسرع بكثير، وتتقدم بشكل جذري في غضون أسابيع، وأظن أن الذكاء الاصطناعي سيغير الحرب والجغرافيا السياسية، وسيغير مئات الملايين من الوظائف، وسيفتح عصراً جديداً، يدمج فيه البشر تفكيرهم بشكل وثيق مع تفكير الآلات. كما أن التكيف مع هذا التغير الهائل سيمثل تحدياً هائلاً لمجتمعنا، كما انه يحمل العديد من المخاطر، على الرغم مما يحمله أيضاً من فرص.
الإنسان أفضل من الآلة
• يرى كثيرون أن تطوير الذكاء الاصطناعي بوتيرة متسارعة سيؤدي إلى فقدان الملايين وظائفهم حول العالم، هل هذا واقعي؟
- ما زلت أرى أن الإنسان أفضل من الآلة، حتى ولو كانت ذكية، لكن هذا لا يعني أننا لا يمكن الاستغناء عن وظائف في طريق الوصول الى الكمال في الإنتاجية وتوفير الوقت وأحياناً التكلفة. اليوم ظهرت لنا «فضة» و«نورا» كمذيعات عبر الذكاء الاصطناعي، ولدينا الممرضة «غرايس» التي تعتني بكبار السن أيضاً عن طريق الذكاء الاصطناعي، وغيرها من الروبوتات التي تعمل ذاتياً وتأخذ قرارها عبر خوارزميات مبرمجة حسب تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتفاعلها الإيجابي والمتقن مع الواقع.
في الحقيقة، نعم سيهدد الذكاء الاصطناعي كثيراً من الوظائف، وقد تصل في السنوات القليلة المقبلة الى 80 في المئة في العالم، والكويت ستتأثر من دون شك، اذا ما استوردنا التكنولوجيا الحديثة المستخدمة في التحول الرقمي والحكومة الإلكترونية، وهذا كله مرتبط بمخرجات التعليم وقدرتنا على التأقلم مع التقنيات، وتوفير التكنولوجيا، وإقامة البنية التحتية الرقمية من الأجهزة المختصة.
ولا شك أن الكويت بحاجة الى استراتيجية توضح وتطبق الذكاء الاصطناعي، وقد نحتاج أيضاً الى تشريعات بهذا الخصوص، وبالنسبة للدول العربية، في الحقيقة أنه لم يكن للوطن العربي نصيب الأسد من هذا التطور، لكنه ليس معدوماً. والكويت متأخرة نوعاً ما في تطبيق الذكاء الاصطناعي مقارنة بالدول العربية.
آثار ملحوظة
• ما المهن والوظائف التي ستتأثر أكثر من غيرها؟
- ذكرت دراسة لجامعة بنسلفانيا بالمشاركة مع منظمة أوبن أيه آي الأميركية لأبحاث الذكاء الاصطناعي، أن التأثير يمتد ليشمل جميع مستويات الأجور مع تعرض الوظائف ذات الدخل المرتفع إلى التأثر الأكبر، ما يشير إلى أن هذه النماذج يمكن أن يكون لها آثار اقتصادية واجتماعية وسياسية ملحوظة، ومن هنا ينصب الدور الكبير على ديوان الخدمة المدنية ووزارة التعليم العالي لبلورة الاحتياجات المستقبلية في سوق العمل بالتوافق مع مخرجات التعليم.
وظائف ستفضلها الشركات
• صحيح أن الذكاء الاصطناعي لن يتفوق يوماً على البشري، لكن سرعة الإنجاز مقلقة لكثيرين، كيف سيتعامل الناس مع واقع أن الشركات ستفضل الذكاء الاصطناعي على الموظفين؟
- هذا واقع، وهنا تبرز وظائف عدة لم تكن تحت المجهر سابقاً وستفضلها الشركات والمؤسسات دون غيرها، ومن هذه الوظائف المهندسون الميكانيكيون المتخصصون في الروبوت والذكاء الاصطناعي، مهندسو الكمبيوتر ومبرمجو الكمبيوتر من دون شك، علماء البيانات وتحليلها، وأيضاً نحن بحاجة إلى مدراء تطوير الأعمال والمبيعات والإنتاج، ولا ننسى أقسام الأبحاث والتطوير فهذا القطاع متطور ويحتاج الى أكاديميين يقومون بالبحث عن التطورات ودراسة البيانات، ومقارنتها مع المنافسة القادمة أياً كانت.
برامج وبعثات
ومن هنا أشدد على تفاعل ديوان الخدمة المدنية في الكويت بالتعاون مع وزارة التعليم العالي، للعمل معاً في توفير برامج دراسية في الجامعات وبعثات تتوافق مع ثورة الذكاء الاصطناعي، وهذا في الحقيقة لا نلمسه حالياً، ونتمنى أن تأخذ الجامعات الحكومية والخاصة زمام المبادرة إلى عقد مؤتمر يؤكد على أهمية تبني مثل هذه البرامج، ودعم تدريس الذكاء الاصطناعي، وتوفير سوق عمل مناسب له في القطاعات المختلفة في الدولة، بما يعود بالنفع على الأجيال القادمة، وتوفير فرص عمل جديدة وطامحة ومتناسقة مع التطور الحاصل في الدول من حولنا.
الهجمات الإلكترونية
• هل الكويت قادرة على صد الهجمات الإلكترونية خصوصاً بعد اختراق الكثير من المواقع المهمة؟
- في الكويت، الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني، تقوم على تبادل البيانات وتعزيز الأمن السيبراني ما بين الجهات الحكومية لاتخاذ الاجراءات الاحترازية، قبل وقوع اي هجوم سيبراني، كما تعمل الاستراتيجية وفق منصاتها على مساندة قطاعات الكويت الحيوية، لتعزيز سبل الحماية لأنظمتها ودعم الاستجابة للحوادث المتعلقة بالأمن السيبراني، واستناداً لذلك تم تأسيس المركز الوطني للأمن السيبراني في 2022، والذي يتبع وزارتي الداخلية والدفاع.
ولاشك أن الأمن السيبراني مشروع دولة ناجح، ندعمه وندعم الخطوات التي قامت عليه، وهو مشروع أمني وتقني بنفس الوقت، وأرى أننا قادرون على صد الهجمات، لو اتبعنا الاستراتيجية السيبرانية الموضوعة من هيئة الاتصالات ومركز الأمن السيبراني، على المستويين الأفقي والرأسي، حيث من الضروري أن يتم تأسيس فروع خاصة لهذا المركز في مختلف جهات الدولة، حتى يكون الجدار الأمني بعيداً من أي اختراق أمني إلكتروني، والحاجة لسرعة الاستجابة لاي اختراق، ستحفظ الكثير من البيانات والمعلومات المراد اختراقها في مختلف مؤسسات الدولة.
السعودية الأولى عربياً
ذكر العيدان أن أهم الدول العربية المستثمرة في الذكاء الاصطناعي، المملكة العربية السعودية (20 عالمياً)، وفي المرتبة الثانية عربيا: الإمارات العربية المتحدة (33 عالمياً)، حيث أنشأت في 2017 وزارة الذكاء الاصطناعي بهدف استخدام تقنياته في قطاعات الدولة المختلفة، وفي المرتبة الثالثة قطر (45 عالمياً)، يليها من البلدان العربية المدرجة في التصنيف، البحرين 52 عالمياً، تونس 55، المغرب 56 ومصر 60.
الكويت ثالث الدول الأكثر استهدافاً خليجياً
أشار العيدان إلى أن الكويت في المركز الثالث خليجياً، بعد السعودية والإمارات، في قائمة الدول الأكثر استهدافاً بالهجمات الإلكترونية على مستوى دول مجلس التعاون، وفقاً لتقرير نشرته شركة Group-IB المتخصصة في خدمات الأمن السيبراني.
وقال إن هذا يبين مدى خطورة هذه الهجمات، والحماية التي تحتاجها لصد مثل هذه الهجمات.
تأثر 80 في المئة من القوى العاملة
لفت العيدان إلى أن دراسة جامعة بنسلفانيا خلصت إلى أن ما يقرب من 80 في المئة من القوى العاملة ستتأثر بنسبة 10 في المئة من مهام عملها بسبب الذكاء الاصطناعي، وسوف تستولي تقنيات تعلم الآلة على 49 في المئة من مهام العمل الرئيسية بها.
وظائف يؤديها الذكاء الاصطناعي
سرد العيدان عدداً من الوظائف التي يقوم الذكاء الاصطناعي بأدائها اليوم، ومنها: الصحافيون والمحللون الإخباريون والمحاسبون، وقد يصل الى المحللين الماليين والمراقبين الإداريين والمبرمجين كذلك.
المهن الحرفية غير مهددة
أشار إلى مهن أخرى بقيت بعيدة عن التهديد، وهي المهن الحرفية، مثل عمال البناء والطهاة والرسامين والميكانيكيين وغيرها من المهن التي تعتمد على مهارة اليد.