«الراي» زارته في المستشفى واسترجعت معه شريط ذكرياته
عباس البدري: الكويت أمي وبنتي وأهلي... ماعندي محبوب غيرها
- صحيح أن لا أحد من زملائي والأصدقاء من الوسط الغنائي يزورني... إلا أنني ألتمس لهم العذر
- لا يمكن أن أنسى وقفة جمهوري معي
- عوض دوخي كان لي أكثر من أخ لدرجة أننا كنا نفهم بعضنا من نظرة العيون
- المواقف مع «بوفهمي» كثيرة لا يمكن أن أنساها... كلما تذكرتها أبتسم وقلبي «ينشرح»
- أتمنى أن يظهر في الساحة الغنائية فنان يملك صوتاً جميلاً يؤدي أغانيّ بشكل أفضل مني
استرجع الفنان القدير عباس البدري شريط ذكرياته من على السرير الأبيض بعد إصابته بمرض «السرطان»، متغلباً على مرضه ومتجاهلاً آلامه، راسماً على محياه ابتسامة يخبئ وراءها الحنين إلى الماضي، وكأنه يقول بها «الله على أيام الخوالي حين كنت شاباً يافعاً كل ما يشغلني هو الفن والبحث وراء المفردة الكويتية والكلمة الجميلة لأشدو بها للجمهور الذي كان داعماً لي منذ أغنيتي الأولى ذات اللون السامري».
«الراي» زارت البدري في المستشفى للاطمئنان إلى صحته، ففتح قلبه، وغنّى من أرشيفه الذي يمتد إلى 200 أغنية، منها أغنية «تسأليني من متى قلبي يحبك»، التي أهداها إلى وطنه، قائلاً «الكويت هي أمي... هي بنتي... هي أهلي... وماعندي محبوب غيرها».
البدري، الذي امتد مشواره الفني لما يقارب النصف قرن، كانت البداية مع الملحن إبراهيم الصولة، حققت معظم أعماله نجاحاً كبيراً وشهرة واسعة وأصبحت رمزاً من رموز الأغنية الكويتية والخليجية، وصف نجاح أغنية «خليجية» بأنها «كانت بمثابة القنبلة التي كان صوتها مدوياً هز الساحة الغنائية ووصلت إلى كل بيت خليجي إلى جانب أغنية (غالي غالي)، معتبراً أن الأغنيتين تشكلان علامة فارقة في عالم الأغنية» ولو مرت عليهما 100 عام، لا يمكن أن ينساهما الجمهور أو تُمحيا من ذاكرة الفن، إضافة إلى أغنية (تسأليني من متى قلبي يحبك).
«أفرح عندما يأتي أحد لزيارتي»
في بداية الزيارة، رد البدري على سؤال «الراي» عن صحته، بعد أن استجمع قواه وقدرته على الكلام بصوته الذي يحمل الأمل بالشفاء وبنظرات عينيه المليئة بالمعنويات المرتفعة، بالقول «أفرح عندما يأتي أحد لزيارتي، سواء من محبيني أو من وسائل الإعلام، الذين تربطني معهم علاقة قوية متأصلة منذ أولى خطواتي في الغناء، وتحديداً عندما قدمت (أغنية سامرية)، التي تعاونت فيها مع الملحن المعروف إبراهيم الصولة رحمة الله عليه، والذي كان من الملحنين الذين أخذوا بيدي فنياً. شكراً لكم على هذه الزيارة، لقد رفعتم من معنوياتي وأنسيتموني آلامي وآنستوا وحدتي».
وأضاف «صحيح أن لا أحد من زملائي والأصدقاء من الوسط الغنائي يزورني، إلا أنني ألتمس لهم العذر جميعاً، فالناس منشغلون في هذه الدنيا (الله يكافينا شرها)».
«رد الجميل»
وأكمل بعدما عرف أن جمهوره يفتقده ويسأل عنه للاطمئنان عليه قائلاً «أشكرهم جزيل الشكر ولا يمكن أن أنسى وقفتهم (معاي) فهم يحبوني ويحبون صوتي، وبصراحة أحاول أن أعبر عن مشاعري تجاههم ولكن لا أستطيع، وتعجز الكلمات عن وصف ما في داخلي من محبة كبيرة لهم، فتقديرهم لي بعد كل هذه السنوات من عمري هو شيء كبير ورائع ولا أعرف كيف أرد الجميل لهم».
«عوض دوخي أكثر من صديق»
وأشار البدري إلى أن الحنين إلى الماضي يطرق باب قلبه بين الحين والآخر ويأخذه من بين جدران غرفته في المستشفى إلى عالم الذكريات في «فريج المطبة» ومرحلة الشباب في فترة الستينات التي شهدت بروز موهبته وانطلاقته فنياً وعلاقته مع الكثير من المطربين والحفلات الغنائية التي أحياها في الكويت ولندن والقاهرة ومجموعة من الدول العربية، إضافة إلى البرامج والسهرات التلفزيونية التي كان يظهر بها على تلفزيون الكويت والأغاني التي يقدمها في الإذاعة والجلسات الفنية التي قدمها في «المسرح الشعبي» و«جمعية الفنانين» وأصدقائه في الوسط الغنائي.
وعن رفقاء الدرب، قال «(ربيت معاهم)، منهم عبدالمحسن المهنا، مصطفى أحمد، صالح الحريبي، الملحن الشهيد عبدالله الراشد، فوزي جمال، محمد عبدالعال، عوض دوخي الذي أعتبره ليس صديقاً فقط، بل كان لي أكثر من أخ لدرجة أننا كنا نفهم بعضنا من نظرة العيون، حتى عندما نكون جالسين في مكان ما بين الناس كنا ننظر إلى بعضنا ونتفق على عمل المقالب ونضحك من دون أن يشعروا ولا حتى أن نتكلم».
وأضاف «الذكريات والمواقف مع (بوفهمي) كثيرة لا يمكن أن أنساها، كلما تذكرتها أبتسم وقلبي (ينشرح)، فهو فنان كبير وكنت أستمع إليه وأُطرب لفنه. يكفي أنه أعطاني لحناً غنائياً في الفترة نفسها التي أعطى فيها لحناً للفنانة المصرية فايزة أحمد، وكان معروفاً عنه أنه لا يقدم ألحانه لأي فنان».
«عدم انزعاج»
ولم يُخفِ البدري شعوره بالسعادة حين يستمع لأغانيه عندما تبث عبر الراديو والتلفزيون سواء كانت بصوته أو بصوت بعض الفنانين الشباب مبدياً رضاه التام وعدم انزعاجه من أي فنان يغني له، متمنياً في الوقت ذاته أن يظهر في الساحة الغنائية فنان يملك صوتاً جميلاً يؤدي أغانيه بشكل أفضل منه، لافتاً إلى أن «أغنية (خليجية) ما زالت تغنى إلى الآن في مختلف المناسبات، وهي بمثابة تاريخ وهذا شيء (حلو) بالنسبة إليّ، وينطبق هذا أيضاً على أغنية (غالي غالي)، فالأغنيتان لن ينساهما الجمهور ولا تمحيان من أرشيف الفن ولا من ذاكرة مُحبّيني حتى بعد مرور 100 عام».
«كوبليه ناقص»
وأشار إلى أنه في البداية كان متخوفاً من أغنية «خليجية» ومتردداً من غنائها، وقال للمحلن عبدالله الراشد بما يشعر به في تلك الفترة بأنه لا يتوقع لها النجاح وأنها لن تعجب الجمهور «بسبب لونها الغنائي الجديد الذي لم يسبق لي وأن قدمته، فكانت تتصف بالسرعة من ناحية اللحن، بالاضافة إلى دخول آلات موسيقية حديثة، فقال لي لا تخف، سوف تنجح ويكون لها شأن كبير، وعندما أردنا أن نبدأ في تسجيلها ونحن في القاهرة اكتشفنا أن الأغنية ناقصة (كوبليه) لم يكملها كاتبها الشاعرالقدير عبداللطيف البناي، والمشكلة أنه ليس معنا، فبحثنا عن شاعر يكمل القصيدة فوجدنا الشاعر الكبير مبارك الحديبي رحمة الله عليه في مصر وأكمل الكوبليه الذي يقول (زري منثور على ثوبج يا حورية، وأشم عطور كل ما أقرب شويه)».
وأكمل «وعندما انتهيت من تسجيل الأغنية وتم بثها، كان نجاحها خيالياً وكأن قنبلة انفجرت (بوم) صوتها هز الوسط الغنائي ووصل صداه لكل دول الخليج ويرددها الكبير قبل الصغير وفي جميع المناسبات، لهذا دائماً أقول بيني وبين نفسي كنت مخطئاً في توقعاتي».
«نقطة في بحر»
وأضاف أنه قدم طوال مشواره الفني العديد من الأغاني الوطنية المهمة، «وكذلك العاطفية التي تعبر عن حالات الحب وتلامس المشاعر والوجدان كتبت بإحساس صادق تحمل بين كلماتها معاني حقيقية، لكن كل كلمات الحب والغزل التي تغنيت فيها لا تأتي نقطة في بحر أمام حبي لوطني، فالكويت هي أمي... هي بنتي... هي أهلي، وماعندي محبوب غيرها، وأهديها أغنية (تسأليني من متى قلبي يحبك ما ألومك لو سألتي)، فهذه الأغنية جميلة جداً وقريبة من قلبي وهي من ألحان أحمد البابطين».
صور من حياته الفنية
فتحت «الراي» ألبوم صور البدري، بالتعاون مع ابنته، التي تجاوبت معنا وأرادت أن يتصف اللقاء بالذكريات الجميلة والحب الذي يساهم في رفع معنويات والدها، بعيداً عن الـ «Show».