كشف عن برامج سرية لا تلتزم بحدود

10 أعوام من تسريبات سنودن... قوانين أكثر لحماية الخصوصية

سنودن دفع العالم إلى تعزيز حماية الخصوصية
سنودن دفع العالم إلى تعزيز حماية الخصوصية
تصغير
تكبير

واشنطن - أ ف ب - في العام 2013، أذهل إدوارد سنودن، العالم، حين سرّب بيانات سرية كشفت الطريقة التي كانت تجمع فيها وكالات استخبارات أميركية بيانات شخصية لمستخدمين حول العالم، بدءاً بمنشورات بسيطة على الإنترنت وصولاً إلى اتصالات المستشارة الألمانية حينها أنجيلا ميركل.

عشرة أعوام مضت واستخبارات واشنطن مازالت تجمع كميات كبيرة من البيانات، لكن خطوة سنودن دفعت دولاً عدّة إلى تعزيز حماية الخصوصية.

كشف سنودن أن لا أحد في مأمن من تطفل وكالة الأمن القومي على بياناته، خصوصاً الأميركيين الذين كان يُفترض أن الدستور يصون اتصالاتهم الخاصة.

يعيش سنودن اليوم في المنفى في موسكو، فيما لاتزال الاستخبارات الأميركية تجمع كميات كبيرة من البيانات الخاصة المخزّنة والمرسلة إلكترونياً.

لكن ما كشف عنه له تأثير دائم، بحيث عززت دول أوروبية وأميركية حماية الخصوصية وسرّعت استخدام التشفير.

بعد تسريبات سنودن، «بدأ، في كل ديموقراطية غربية تقريبا، نقاش تاريخي حول علاقة المواطنين ببرامج المراقبة الجماعية وحول ما إذا كان الإشراف على هذه البرامج يحصل بطريقة مناسبة»، بحسب محامي سنودن، بين ويزنر وهو ناشط في الاتحاد الأميركي للحريات المدنية.

- برامج سرية ولا تلتزم بحدود

في العام 2013، كان سنودن يعمل في إدارة أنظمة وكالة الأمن القومي ويبلغ 29 عاماً. قام بتنزيل آلاف الوثائق من وكالة الأمن القومي ووكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إي) تُظهر مدى شبكة جمع البيانات العالمية التي بدأت بعد هجمات 11 سبتمبر 2001.

كشفت وثائق سربها سنودن سرّاً لصحافيين في اجتماعات في هونغ كونغ كيف كانت الاستخبارات الأميركية تعمل مع الاستخبارات البريطانية ووكالات أخرى لبناء ملفات عن مليارات الأشخاص من دون ترك مجال للشك.

وأظهرت الوثائق أيضاً أن الولايات المتحدة كانت قادرة على التنصت على هواتف قادة دول حليفة وأن وكالة الأمن القومي كانت تستخدم برنامجاً اسمه «بريزم» Prism لجمع بيانات المستخدمين من عمالقة الانترنت - مثل غوغل وفيسبوك - بموافقتهم أو من دون موافقتهم.

وكانت وكالة الأمن القومي تجمع بيانات الاتصالات من شركة «فيرايزون» الأميركية وقامت بشكل روتيني بالبحث عن بيانات في شركات عامة ومستشفيات وجامعات.

وكشف سنودن أيضاً أن الاستخبارات البريطانية تمكّنت، بمساعدة وكالة الأمن القومي الأميركية، من امتصاص كل الحركة في كابلات الاتصالات العالمية الرئيسية تحت سطح البحر.

والتقطت الاستخبارات البريطانية أيضاً خلسة ملايين الصور من كاميرات الحواسيب الشخصية لأشخاص خلال محادثات أجروها عبر موقع «ياهو».

واعتبر سنودن أن المشكلة ليست تبرير التنصت بمكافحة الإرهاب، بل إن برامج التنصت هذه كانت سرية ولا تلتزم بحدود.

وقال «على الجمهور أن يقرر ما إذا كانت هذه الأنواع من البرامج والسياسات صحيحة أم خاطئة».

- غضب من كل الاتجاهات

وأثارت التسريبات غضباً عاماً بالإضافة إلى غضب الاستخبارات الأميركية التي اتهمت سنودن بتدمير برامج مكافحة الإرهاب ومساعدة أعداء واشنطن.

غير أن الوكالات الاستخباراتية الأميركية رفضت التحدّث عن مدى الأضرار، مكتفية بالقول إن المراقبة والتنصت منعا حصول عشرات الهجمات.

في العام 2016، تحدث مدير الاستخبارات الوطنية جيمس كلابر عن الضرر الرئيسي، وهو أن سنودن جعل عمل وكالة الأمن القومي أصعب، إذ دفع شركات الانترنت والخليوي ومطوري التطبيقات إلى تشفير خدماتهم.

- تشريعات أكثر صرامة

ويرى ويزنر أن التسريبات عززت الحريات المدنية حتى لو أن عدد الشركات الالكترونية التي تجمع بيانات المستخدمين يزداد.

وأرغم سنودن بتسريباته البيت الأبيض والكونغرس والقضاء على عكس مسار أنشطة التجسس التي وافقت عليها سراً ومراجعة أنشطة وكالة الأمن القومي وإلغاء بعض البرامج.

ويقول ويزنر «أصدر الكونغرس، للمرة الأولى منذ سبعينيات (القرن الفائت)، تشريعات لتقليص سلطات المراقبة بدلاً من زيادتها».

عام 2018، دخلت «اللائحة العامة لحماية البيانات» حيز التنفيذ، مستهدفة قدرة شركات أميركية مثل غوغل وفيسبوك على جمع بيانات المستخدمين واستخدامها بشكل حرّ.

وكتب مدير قسم «التكنولوجيا المسؤولة» في شبكة «أوميديار» غاس روسي «أثّر كشف سنودن عن المراقبة العالمية على نقاش الخصوصية على الانترنت في أوروبا بشكل ملموس».

بموجب «اللائحة العامة لحماية البيانات»، فرضت ايرلندا على مجموعة «ميتا» المالكة لموقع فيسبوك غرامة بقيمة 1.3 مليار دولار الشهر الماضي، لانتهاكها قوانين أوروبية لحماية البيانات، لأن البيانات التي تجمعها هذه المجموعة حول المستخدمين الأوروبيين والتي ترسلها إلى الولايات المتحدة، لم تكن محمية من وكالة الأمن القومي ووكالة «سي آي إي».

- منفي في موسكو

لا يزال سنودن اليوم (39 عاماً) يدعو إلى مزيد من حماية الخصوصية. يعيش في موسكو مع زوجته الأميركية وولديهما اللذين ولدا في روسيا، ويجني مالاً من القاء محاضرات واستشارات مدفوعة.

لا يمكنه مغادرة روسيا حالياً لعدم وجود ملاذ آمن آخر، وهو مطلوب من قبل الولايات المتحدة بتهم جنائية بموجب قانون التجسس.

ويوضح ويزنر «يفضّل (سنودن) أن يكون في مكان آخر. وكنّا نتمنّى أن يكون هناك خيار آخر غير زنزانة شديدة الحراسة والعيش في روسيا».

لكن الصحافية المستقلة مارسي ويلر، المتخصصة في العلاقات بين الاستخبارات والقانون، تشكك في المكاسب التي تحققت من تسريبات سنودن.

وتقول إن وكالة الأمن القومي التي تُحسن التأقلم يمكنها إنجاز ما تريد «عبر وسائل أخرى».

وتضيف «ان أكبر مراقبة تستهدف الأميركيين (...) يقوم بها مكتب التحقيقات الفيديرالي (أف بي آي) وولايات وبلدات حتى مع إشراف أقل».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي