No Script

سافر إلى ذاتك

افهمني أنا حدي

تصغير
تكبير

«يؤلم بالكلام حد الجرح ويعنف بالكلمات حد الوجع، ما يقوله كلمات نفسية لا يمكن تجاوزها من عدوانيته في السرد، ثم يتحول لحنون ورائع وطيب ومعطاء وكريم ويدلل ويقدم ورومانسي ويحب... متقلبة أفكاره وهويته عن نفسه وغير مستقرة ويخاف دائماً أن أتركه».

هذا ما قالته زوجة ذلك الشخص، التي احتارت بين عدوانيته غير المبررة، وغضبه الذي لا مثيل له، وبين حبه ورومانسيته وحنانه.

وعند حيرتها لا أعلم هل أحب الرومانسي أو أكره هذا الغاضب أو أشعر بالأمان مع جانبه الرائع أو أخاف من تبديل مزاجه المستمر، صرت لا أشعر بالاستقرار النفسي ولا أثق بحياتي معه. السؤال: هل خاف من أمر منكِ؟ الجواب: نعم أهدده بالخلع!

نعم، نتفهم شعورها، لأنه رجل حدي يقول بقلبه افهمني لست قادراً على السيطرة، افهمني أنا حدي. افهمني أحتاج مساعدة الشخصية الحدية. يتقلب مزاجه على الدوام وخاصة بعد حدوث أمرٍ ما مخيّبٍ لأمله، أو عند فهم قضيّةٍ ما على أنّها تهديد بفقدان شخصٍ ما، أو عند إحساسه بأنّه سقط في عين من يقدّرونه. تتضمّن هذه الظاهرة -التي تدعى أحياناً باسم الانفصام أو أسلوب التفكير «أبيض-أسود».

الشخص الحدي، هو شخص يعيش في حدود من الاضطرابات قد يأخذ من القلق والاكتئاب وغيرهما من كل حدود الاضطرابات وأنواعه أيضاً، تفسر حدوده مع الاضطرابات ذاته قد يكون قريباً من اضطرابات الشخصية الهستيرية أو نوع آخر قريب من اضطراب الشخصية الاعتمادية، أو معادياً للمجتمع أو مؤذياً لحاله... الخ. لذلك ليس من السهل التعرف عليه لقربه من كثير من أعراض الاضطرابات الأخرى. الآن أن dsm 5 نظم ووضع ذلك بتسعة أعراض. يتم التشخيص إذا توافر 5 وهي:

1 - علاقات شخصية متقلّبة وانفعالية.

2 - الاندفاع والتهوّر في السلوك.

3 - عدم الاستقرار الوجداني.

4 - الغضب.

5 - سلوك انتحاري أو تشويه للذات.

6 - اضطراب الهويّة.

7 - الشعور بالفراغ.

8 - الخوف من تخلّي أو هجرة الآخرين.

9 - هفوات في تفحّص الحقيقة.

ويتميز الشخص الحدي بمزاج غير ثابت وعلاقات مهزوزة مع الآخرين على الدوام ويشعر بخواء وفراغ في نفسه ويخاف جداً من الهجران. الحدي قد يكون تعرض لموقف صادم في حياته أدى لحالة عدم الثبات المستمرة في حياته، قد يكون هذا الموقف هجراناً مفاجئاً من أحد والديه أو اعتداءً جنسياً أو جسدياً حاداً. وقد يكون له أسباب مرضية مصاحبة مع أحد الاضطرابات أو استعداد وراثي أو أسباب أخرى.

نعود لعبارتنا افهمني أنا حدي. أي اعرف أنني محتاج مساعدة، ساعدني أرجوك لتريحني وتريح نفسك، لذلك الانتباه له ومساعدته أمر بالغ الأهمية وأهم طرق مساعدة هذا الاضطراب هو العلاج الجدلي الذي يرمز له DBT اختصاراً من Dialectical behavior therapy وهو وسيلة علاج نفسي مصممة من أجل معالجة الأشخاص في تغيير نمط سلوكهم غير الفعال مثل إيذاء النفس والتفكير في الانتحار وإدمان العقاقير أو الكحول، وابتكرته دكتوره مارشا إم لينهان، والتي هي كانت تعاني من هذا الاضطراب ذاته، ولأن الأشخاص الحديين مندفعون ومتهورون في القيادة. ومبالغون في الصرف المالي.

أخبرتني إحداهن أن ابنتها تقود سيارتها بسرعة عالية، ودائماً تشعر أن لاقيمة لها وتصرف أموالاً كثيرة في وقت قصير جداً ودون حساب للواقع، لا صديقة لديها فالجميع تختلف معهم من دون سبب، بالإضافة إلى عنفها في الكلام وتهديدها لنا الدائم بالانتحار.

وعند حيرة تلك الأم نتفهم أن ابنتها حدية وتحتاج أن تضبط انفعالاتها الحادة عبر برنامج كامل ومتكامل بالعلاج الجدلي، أو أي طرق علاجات أخرى مناسبة لحالتها لتريح نفسها من تقلباتها وتريح الآخرين من غضبها المستمر واندفاعها غير المدروس ولا محسوب.

والجميل بالأمر، أن هذا الاضطراب يقلّ بالتقدم بالعمر ويظهر في مرحلة النضوج المبكر، ويعطي مؤشرات بوجوده في مراحل مبكرة كمحاولة جرح النفس أو أذيتها أو نوبات تبدل بين الغضب والحب لا مبرر له، والمرور بمشاعر متفاوتة بشكل ملحوظ والهجوم وانقطاع علاقات سريعة بلا أسباب حقيقية.

انتبه لتصرفاتهم غير المنطقية لتفهم التفسير المنطقي لهم، فهم يعتقدون أنهم بعالم خاطئ والناس مخطئون وأنهم فقط هم على صواب.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي