سافر إلى ذاتك

هذّبني المرض؟

تصغير
تكبير

لم أتصوّر يوماً أنّ وعكة صحية، تعيد ترتيب البشر بقلبك، تعيد تفكيرك عن الحياة والناس وتعيدك لنفسك.

في الأسبوع الماضي أُصبت بالتهاب شديد في الكلية، كان بسبب سوء تعاملي مع الألم وتجاهلي لتنبيهات الجسد، وشح جسمي من كميات الماء اللازمة لعملياته الحيوية ورغم أني أعيش حياة صحية للغاية، إلا أنني كنت أتجه لبدائل الماء بدلاً من الماء ذاته.

ليأتي ذلك الألم الشديد الذي حال بيني وبين السير وبين الوقوف وبين الاستمرار في حياة طبيعية ليعلمني حينها درساً مهماً أن الرياضة قد تكون عدوة لي عندما أمارسها باستمرار متجاهلة كميات الماء الناقصة في الجسم، وأن الحياة الصحية غير كافية طالما هناك تقصير بالماء، وأن الماء هو أهم شيء في الحياة. قال تعالى: «وَجعلنا من الماءِ كُلَّ شيء حي»، فالماء هو العنصر الأساسي في حياة كل الكائنات الحية وكثير من صرخات المرض ما هي إلا نداء نقص الماء في الجسم، فالماء ليس مهماً على صعيد الحاجة فقط بل مهم في عالم الجمال ومهم في إعادة حيوية الأشياء ومهم في كل شيء، ولأننا نحن في عالم تنوعت فيه أشكال المشروبات ونكهاتها أصبح الماء عنصراً ثانوياً لا أساسياً في حياتنا حتى يدق المرض أجراسه... فنعود لدورة حياتنا من جديد ونشرب الماء، الذي هو للمعدة يستحق الثلث وفي الجسم يمثل 70 في المئة من جسم الإنسان، 20 في المئة من وزن العظام 85 في المئة من الدماغ.

حين يفقد الإنسان 3 في المئة من الماء يصاب بالتعب وعندما يفقد 4 في المئة يصاب بالدوار والرغبة في النوم، أما 5 في المئة فجفاف بالشفة والحلق، و7 في المئة يفقد الإنسان قدرته على التنفس، ولا يتحمل الإنسان فقد أكثر من 10 في المئة، ولأن الماء مهم فهو يخلص الكلية من السموم وينظم درجة الحرارة ويسهل عملية الهضم والامتصاص، ويسرع التئام الأنسجة ويزيد الطاقة. كل ذلك وأكثر هي فوائد الماء، ورغم كل ذلك لا نعطيه أهميته التي يستحقها والتي يجب أن نلتزم فيها لحياة صحية.

لذلك، بعد تلك الوعكة استيقظ كل من حولي لأهمية الماء، واستبدل الكثير قهوته الصباحية بكوب ماء كدرسٍ تعلموه من مشاهدتي متألمة وأنا أمثل لهم المرأة المتوازنة غذائياً. نعم مهم الماء ومهم جداً خصوصاً للرياضيين ولأن الوعكة الصحية لم تعطني درساً عن الماء فحسب بل أهدتني دروساً في الحياة عن أولئك المحبين الذين لم أنتبه لهم لكثرة انشغالي عن تلك العيون التي سهرت على راحتي، عن أولئك الذين لم يخبروني بحبهم ورأيته بأفعالهم، عن الأشخاص الذين تكلّفوا بالحضور، عن الذين وجدوا ألف عذر ليتعذروا عن الصداقات الحقيقية وعن الذين أوقفوا أعمالهم من أجل دعمهم النفسي لي. شكراً للمرض وشكراً للمواقف التي تعلمنا الكثير.

وأهم درس تعلمته أنه كم أهملت صحتي لفترة، وكم أخذتني الحياة، وكم قصّرت بحق مَن وقفوا معي، وكم من وقت أهدرته مع من لا يستحقني.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي