No Script

رؤية ورأي

مقترح الدكتور خليل أبل

تصغير
تكبير

في لقاء متلفز قبل قرابة تسع سنوات، قدّم الدكتور/ خليل أبل مقترحاً ساخراً، لاحتواء خطورة ومضرّة الفشلة من القياديين ومن الساعين لشغل المناصب القيادية. حيث اقترح الدكتور إنشاء «ديوان البشوت» لاحتضان القياديين الفاشلين. بحيث يُنقل إليه كل قيادي فاشل محصّن من الإقالة، ويُعيّن فيه كل فاشل مدفوع لشغل منصب قيادي لا يستحقّه. ويصرف لهم الديوان مخصّصات مالية مساوية لما يصرف لنظرائهم القياديين في الجهات الحكومية، ويزوّدهم بجميع مستلزمات الوجاهة، كجواز سفر خاص و«بشت».

تذكّرت هذا المقترح الساخر وأنا أتابع الخطابات الإعلامية لبعض مرشحي الانتخابات المنظورة (2023)، وأخص بالذكر أعضاء مجلسي 2020 والمبطل الثالث، الذين في مجلس 2020 أكثروا وأفاضوا في تقديم الاقتراحات بقوانين، ثم انشغلوا واجتهدوا في عرقلة وتعطيل جلسات المجلس، ففشلوا في إقرار أي قانون من القوانين التي وعدوا بتشريعها، وعجزوا عن القضاء على أيّ صورة من الفساد الذي تعهدوا بمكافحته. ثم في المجلس المبطل الثالث أصيبوا بشلل سياسي منعهم عن ممارسة اختصاصاتهم التشريعية والرقابية داخل قاعة عبدالله السالم، بدرجة أنهم عَمُوا وصَمّوا عن انتهاكات الحكومة – كتعطيل الجلسات – وبَكموا عن الاعتراض عليها.

هؤلاء النوّاب الذين فشلوا في المجلسين الأخيرين، كمعارضين في 2020 ثم كموالين للحكومة في 2022، أربكوا وجمّدوا السلطتين التشريعية والتنفيذية على مدى سنتين ونصف السنة، ثم بكل ثقة ترشّحوا مرّة أخرى بذريعة استكمال مسيرة الإصلاح!

في المنظومات الديموقراطية الحيّة يتحمل السياسي، سواء كان وزيراً في الحكومة أو نائباً في البرلمان أو قيادياً في الحزب، المسؤولية السياسية عن الفشل المنهجي الذي يحدث ضمن ولايته فيستقيل من منصبه. وأما في المنظومات الديموقراطية الصورية، يستمر السياسي الفاشل في منصبه ويجدد له طالما كان يحظى بشعبية منبعها الدولة العميقة التي تشكّل وتوجّه الرأي العام.

في الديموقراطيّات الصورية، يُختطف الرأي العام في مواسم الانتخابات، تارة بنعرة طائفية أو عرقية وتارة بنعرة سياسية أو حزبية أو بأي نعرة أخرى تحقق هدفين: تلهي الناخبين عن محاسبة مجموعة من النوّاب السابقين الفاشلين، وتجدد ثقة الشعب فيهم.

لذلك نجد أن النوّاب الذين فشلوا في مجلس 2020 ثم انشلّوا نيابياً في المجلس المبطل الثالث، شاركوا في الانتخابات المنظورة ولم يقاطعوها، ولم يعتذروا للأمّة عن الفشل والشلل، ولم يتعهّدوا للشعب بالتغيير وعدم العودة إلى ممارسات الفشل ومواقف الشلل، بل انهم ترشحوا وهم واثقون من الفوز بالرغم من أنهم لم ولن يوضّحوا للناخبين كيف سوف يتصدّون للحكومة إن عادت إلى عادتها القديمة، إلى الانسحاب من الجلسات التي تطرح فيها قوانين ومطالبات لا تعجبها.

وهنا تأتي خطورة إشغال الناخبين بجزئية تشجيع وتكثيف المشاركة في الانتخابات، من دون أدنى إشارة إلى كيفية التعافي من حالة الشلل النيابي الذي ترسّخ في المجلس المبطل الثالث من خلال أداء نيابي نخر جذور سلطة مجلس الأمّة.

لا شك أن المشاركة الإيجابية المسؤولة في الانتخابات ضرورة وطنية. ولكن هذا لا ينفي قبح وخطورة المشاركة المتطرّفة، المستثارة بنعرة (طائفية أو عنصرية أو شلليّة) تحظر تقييم المرشحين وتزكّي نوّابا سابقين فشلوا وانشلّوا نيابياً. لذا، الدعوة إلى تكثيف المشاركة في الانتخابات المقبلة مستحقّة، ولكن ينبغي أن تقترن بالمطالبة بتقييم ومحاسبة المرشحين من النوّاب السابقين قبل غيرهم.

نحن بحاجة إلى الدكتور/ خليل أبل ليقدّم لنا مقترحاً لديوان آخر – على غرار «ديوان البشوت» – يحتضن النوّاب السابقين الذين فشلوا وانشلّوا نيابياً في السنوات الأخيرة، ليفسحوا المجال أمام غيرهم من المرشحين الأكْفاء، من الشباب الإصلاحيّين العقلاء ومن المرشّحين الحصفاء الأكثر خبرة ومن المتميّزين في شؤون التنمية ومكافحة الفساد... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي