No Script

من الخميس إلى الخميس

هل يُهاجر المثقفون؟

تصغير
تكبير

العمل السياسي في الكويت ليس مهتماً بالثقافة ولا المثقفين، وعند اختيار أعضاء مجلس الأمة وأحياناً أعضاء الحكومة، عند الاختيار تكون الثقافة والحكمة وسعة الفكر بعيدة عن صفات المرشح لتلك المؤسسات، من أجل هذا يُعاني المثقفون في الكويت. يُعانون من تردّي الأوضاع الثقافية، وانتشار المدعّين، وانتهاء عصر التقييم، انتهاء عهد التقييم وسيادة السطحية في معظم ميادين الفكر والثقافة.

لدينا اليوم قيادات شعبية وحكومية حين تتصدّر المشهد وتفتح فمها يتقلّص حجم المثقف وينكمش على ذاته ويتمنى ألّا يطّلع على هذا الحوار أحد خارج الكويت، فهذه اللغة مُعيبة بحق الوطن، فاللغة هابطة والحوار أقرب إلى لغة العامّة التي لم تنلْ نصيباً من التعليم والثقافة، عندما تستمع إلى أعضاء وقيادات المجالس النيابية في الدول العريقة، أجنبية كانت أم عربية، تستمع إلى خطاب يُريح العقل ولغة سامية مختارة، والسبب أن اختياراتهم لا تعتمد على المحسوبية والنفوذ والمال بل هي أبعد ما يكون عن ذلك، فأهل النفوذ والمال عادة لا يملكون الوقت للاطلاع والثقافة وكسب سعة الإدراك.

في الماضي القديم كانت الحركة الثقافية باسطة شراعها على القيادة، فكان عبدالعزيز حسين وعبدالعزيز الصرعاوي، رحمهما الله وغيرهما كثير، كان لهؤلاء المثقفين تأثير إيجابي على السُّلطة، تأثير جعل الحاكم نفسه يُحبّ الثقافة والأدب، وكم استعان الشيخ عبدالله السالم، رحمه الله، بأبيات من الشعر الراقي ليُدلّل على مقصده ويعطي كلمته هيبة الثقافة والفكر والأدب، ومن أشهر الأبيات التي كرّرها الشيخ عبدالله السالم، قول الشاعر الأموي أبو الأسود الدؤلي:

لا يَصلُحُ الناسُ فَوضى لا سَراةَ لَهُم

وَلا سَراةَ إِذا جُهّالُهُم سادوا

اليوم، نسمع صراخاً طفولياً، وجدلاً عقيماً وراءه عقول لم تقرأ في حياتها من الكتب إلا بعدد أصابع يديها، وليس لها نصيب من الثقافة الراقية سوى أدنى درجاتها وهي ثقافة الصراع والتربُّص إذا كان لنا حق أن نسمي تلك الصفات ثقافة.

في الكويت سابقاً كانت الثقافة مُحلّقة في سمائنا، واليوم أصبحت الثقافة مدفونة في تُرابنا، وغداً أهل المال والنفوذ يمارسون الثقافة دون أن يكون لهم منها نصيب، ما جعل السامعين لهم يتعجّبون ويتساءلون إن كان هؤلاء يمثّلون حقاً قيادة هذا البلد الدستوري العريق في ممارسته النيابية.

إنّ ما نسمعه من لغة الخطاب لكثير من قادة التمثيل الشعبي وكذلك من بعض ممثلي الحكومة يجعلنا غير فخورين مقارنة بما نراه ونسمعه في أمم أخرى، فهل يهاجر المثقفون وتخلى الساحة في الكويت من المثقفين الذين طال انتظارهم لسماع نقاشات سياسة راقية بعيداً عن الصراخ والعويل، نقاشات تعكس بحق اختيار الشعب الكويتي الذي طالما عشق العِلم والأدب والفن وكان سبّاقاً في نشرها في محيطة العربي؟

هل يهاجر المثقفون؟ سؤال جوابه لدى شعب الكويت في المرحلة الجديدة المقبلة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي