No Script

رأي نفطي

(اليوان) المتوهج...إلى النفط سر!

تصغير
تكبير

تسعى الصين إلى وضع عملتها (اليوان) كأساس في اعتماد تبادلاتها التجارية، وعينها في الوقت ذاته أن تكون الدول النفطية الخليجية والمصدرة للنفط أول المفعلين لهذه الخطوة، وأيضاً للتعامل في البورصة الصينية مباشرة بدلاً من استعمال دولار «هونغ كونغ».

وانطلاقاً من أن الصين أكبر الدول المستوردة للنفط، وأكبردولة مستهلكة له، واقتصادها الثاني عالمياً، تريد أن تحسن موقعها داخل سلة العملات العالمية حيث إنها في الموقع الخامس مقارنة بالدولار واليورو والاسترليني والين الياباني، بعد اعتماد البنك العالمي للعملة الصينية. وقد يستغرق هذا الأمر بعض الوقت. وتمثل العملة الصينية 2 في المئة من المدفوعات مقارنة بـ50 في المئة للدولار الأميركي و22 في المئة للعملة الأوروبية الموحدة، وهي مقارنة صغيرة بالنسبة لنظام «سويفت» التقليدي المتبع في التحويلات المالية.

وما دفع الصين لشد ازر عملتها هو استفادتها من تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا، والمقاطعة الأميركية لروسيا وعدم إمكانية الروس من التعامل بالعملات الأجنبية ووقف التحويلات عبر «سويفت»، وأيضاً بروز مخاوف لدى بعض الدول التي راحت بدورها تبحث عن بدائل أخرى خارج نطاق التحكم المالي الأميركي، وكيفية ايجاد الوسائل للتبادل التجاري والمقايضة مثل النفط مقابل الغذاء، كما تعمل إيران حالياً مع الهند والصين، والتمسك بقدر الإمكان بالدولار الأميركي من بيعها للنفط.

ولهذا، يبرز التوجه الصيني نحو الدول الخليجية المصدرة للنفط، وحاجتها الماسة إلى الدولة المصدرة الأكبر للنفط وهي المملكة العربية السعودية حيث يفوق التبادل التجاري معها 90 مليار دولار، منها 45 مليوناً حصة السعودية من النفط. ومن المؤكد أن جزءاً من الاتفاقيات مرتبط بالطاقة سواءً من استيراد النفط السعودي أو من بناء المصافي ومجمعات البتروكيماويات. حيث من الممكن تحويل جزء منها إلى الدفع بالعملة الصينية. ولعل ذلك، قد يشجع الدول الخليجية الأخرى مثل قطر والإمارات قبول التعامل بـ(اليوان) مقابل تصدير الغاز.

وفي المقابل، يجب عدم إغفال دور الكويت حيث كانت من أوائل الدول التي تعاملت بالبورصة الصينية مباشرة، عبر استعمال دولار هونغ كونغ، ثم عادت واشترت مباشرة بـ (اليوان).

في الوقت ذاته، نرى أن الأرجنتين تتعامل وتدفع بالعملة الصينية لتخفف عن نفسها التزاماتها المالية الدولارية ومن عبء الدولار الأميركي. كما بدأت بعض الدول بالتوجه العملي بتأسيس مجموعة «بريك» وتضم الصين والبرازيل والهند وروسيا وإيران وفنزويلا لخلق نظام تجاري خارج إطار العملات الرئيسية، ومن المؤكد أن نرى دولاً أخرى قد تنضم لاحقاً.

ازاء ما تقدم، فإن مسؤولية الصين عظيمة وعليها مواجهة التحديات وأهمها تحريرعملتها من قبضة التحكم الحكومي عبر التمسك بسعر الصرف، والذي يؤثر حتماً على مستقبل عملتها. وإن أردات أن ترفع من ادائها فعليها اكتساب ثقة الأسواق المالية كما امتلكت حصتها وثقتها في منتجاتها وتجارتها الخارجية في مختلف الصناعات.

ومع توهج (اليوان) الصيني فإن الدولار لن يأفل نجمه في الاقتصاد العالمي ولاحتى العملة الأوروبية قد تفقد هيمنتها، لكن سنرى مستقبلاً العالم بالعملات الثلاث، شرط أن تحرر الصين نفسها من نفسها، وأن تتعامل بكل شفافية مع الدول النامية الكبرى مثل الهند والبرازيل والأرجنتين.

كاتب ومحلل نفطي

naftikuwaiti@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي