No Script

إطلالة

عندما ينقلبُ سحرُ الدولار على الساحر

تصغير
تكبير

يقول الأديب ناصيف اليازجي في قصيدته:

ألا يا جامعَ الأموالِ هلاّ

جمعت لها زماناً لافتراقِ

رأيتك تطلب الإبحار جهلاً

وأنت تكاد تغرق في السّواقي

لقد تحدّثت في مقالتي السابقة عن الدولار ومكانته السوقية في الفترة المقبلة، وكيف ستتحول هذه العملة إلى ورقة لا قيمة لها في المستقبل القريب، وإن إعدام الدولار الحقيقي سيتم بعد إطلاق عملة بريكس الجديدة، فالعالم الآن يترقّب موعد انهيار الدولار في شهر أغسطس وربما يكون في يونيو المقبل.

وقد سبق أن تحدث بهذا الأمر الخبير الاقتصادي الأميركي روبرت كيوساكي، في كتابه «الأب الغني والأب الفقير»، وما يعلّمه الأثرياء ولا يعلّمه الفقراء وأفراد الطبقة الوسطى لأبنائهم عن المال، محذّراً العالم بأسره من انهيار عملة الدولار منذ فترة، إلا انه قوبل بالسخرية من الكثيرين، ولكن اليوم بدأت المعالم تتجلّى، فانضم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، إلى قائمة المتشائمين حول مصير الدولار، عملة الولايات المتحدة الأميركية، وقد حذّر ترامب من انهيار عملة الدولار وفقدان بلاده لمكانتها الاقتصادية.

كما دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى التقليل من الاعتماد على عملة الدولار، وكذلك نصح رئيس كينيا مواطنيه العمل بالتخلص من الدولار في الوقت الحالي.

وبالرغم من كل هذه التطورات الاقتصادية السريعة إلا أن عملة مجموعة بريكس الصينية الجديدة اقتربت من الظهور، الأمر الذي سيعجّل بنهاية إمبراطورية الدولار الأميركي في الأسواق العالمية.

أوساط اقتصادية تتساءل الآن: هل هذه الخطوات أو المتغيرات هي فعلاً ترسم نهاية عملة الدولار، ام أنها مجرد أمنيات قد لا تتحقق على أرض الواقع؟

إذاً، ما يجب معرفته أن بوادر نهاية عملة الدولار لم تأتِ من فراغ بعد مشاهدة دولٍ تعمل في الكواليس على تحقيق ذلك من خلال مشاهدة البرازيل والصين بتوقيعهما على 20 اتفاقية اقتصادية بالعملات المحلية، وكذلك محاولات الهند للتخلي عن الدولار.

وفي الآونة الأخيرة تم منح 18 دولة بما في ذلك المملكة المتحدة وألمانيا وروسيا والإمارات العربية المتحدة الإذن بالتداول مع الروبية الهندية، وهناك دول كثيرة بدأت فعلياً الاعتماد على عملتها المحلية في التجارة الدولية، وإذا استمر الأمر بذلك فسيتم حتماً دفن عملة الدولار الأميركي، وكما يقول المثل: (لقد انقلب السحر على الساحر!)... تلك هي بداية انهيار الدولار الأميركي وعدم ثقة معظم الدول بالولايات المتحدة الأميركية لاستعمالها «كورقة سياسية»!

ولعلنا رأينا كيف جمّدت الولايات المتحدة الأميركية احتياطات روسيا من الدولار بقيمة 300 مليار دولار، فلابد أن هناك دولاً أخرى ستلقى المصير نفسه إذا وقعت ثمة مشكلات مع الولايات المتحدة الأميركية، فما يمكننا أن نسمي ما تقوم به الولايات المتحدة تجاه دول أخرى حين فرض العقوبات عن طريق استغلالها عملة الدولار كعملة عالمية تقشفاً أو احتكاراً، وبالتالي إن كانت الولايات المتحدة تريد أن تلوم أحداً على تراجع هيمنة الدولار، فيجب أن تلوم نفسها أولاً...

وبالتالي فإن ما نراه اليوم، أن العالم يتغيّر بسرعة رهيبة من دون توقف، لنجد أنفسنا نقترب من عصر ما بعد عملة الدولار، أي أن عملة الدولار ومكانتها عملة احتياط عالمية قد بدأت تفقد بريقها شيئاً فشيئاً...

وفي ضوء هذه الأحداث المتسارعة حذّر ستيفن غين، الرئيس التنفيذي لشركة إدارة الأصول «يوريزون» من ذلك، حينما قال، حصة الدولار في الاحتياطات العالمية قد تراجعت بسرعة 10 مرات في العام الماضي مما كانت عليه خلال العقدين الماضيين، وبالتالي يواجه الدولار الأميركي اليوم أزمة حقيقية تزلزل مكانته كعملة مهيمنة على اقتصاد العالم وفي تعاملاتها التجارية والمالية والمصرفية وسط تحديات وعوامل حاسمة في تحولات طبيعة تعاملات الاقتصاد...

ويبقى السؤال المطروح هنا، هل ما نسمعه عن قيمة ومكانة الدولار سيتحول فعلاً إلى ورقة لا قيمة لها؟!

ولكل حادث حديث،،،

alifairouz1961@outlook.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي