No Script

رؤية ورأي

أفسدوا بمسعاهم للإصلاح

تصغير
تكبير

بعد صدور مرسوم حل مجلس الأمة 2020، وصدور البيانات الانتخابية وانطلاق الحملات الإعلامية، في ظل دوام الاحتقان في المشهد السياسي المحلّي، واستمرار تسويف الإصلاح ومكافحة الفساد؛ من حق الشعب، بل من الواجب الوطني عليه أن يراجع ويعيد تقييم مشروع الإصلاح السياسي الذي طرحه نوّاب الحراك بالتزامن مع الربيع العربي.

لا يمكننا الحفاظ على المسار النيابي الصحيح ما لم نُقيّم ونُنقّح ونُقوّم باستمرار مشاريع الإصلاح الوطنية بمعزل عن شخوص النوّاب، بعد التحرر والتحصّن من ولاية وسلطة الآلة الإعلامية الجبّارة الراعية للعديد من النوّاب. لذلك أجدد تأكيدي على أن الحديث في هذا المقال – وفي ما سبق من مقالات انتقدّت فيها نوّاب الحراك – حول فشل وعدم جدّيّة أو عدم أهلية نوّاب الحراك كأفراد تارة وكتكتّل تارة أخرى، لم ولا يعني بالضرورة الإقرار بنجاح أو أهلية وكفاءة زملائهم أو منافسيهم. كما أكرر تأكيدي على أن الغرض الأساس لهذه المقالات هو المشاركة في تصحيح المسار النيابي، عبر محورين متزامنين: تقويم أدوات وآليات القضاء على الفساد، وترشيد خطط ومشاريع إنفاذ الإصلاح والتنمية، لتكون مثمرة ومتوافقة مع المبادئ والقيم الدستورية والديموقراطية.

نوّاب الحراك يعانون في مجملهم من آفة التموّج والانقلاب المتكرّر في المواقف على ضفتي العمل النيابي: محاربة ومكافحة الفساد، وتبنّي الإصلاح والتنمية. والأمثلة الفاضحة والشواهد الكاشفة لتبدّل مواقفهم كثيرة. قد يكون أخطرها، موقفهم من قرار تأجيل «المزمع»، وهو القرار الذي اتخذه مجلس 2020 – في دور انعقاده الأول – بالموافقة على الطلب الذي قدّمه رئيس الحكومة آنذاك بتأجيل الاستجوابات المقدّمة والمزمع تقديمها ضدّه إلى ما بعد انتهاء دور الانعقاد الثاني.

فعلى سبيل المثال، نوّاب الحراك الذين اعترضوا بشدّة على القرار، وطالبوا لاحقاً بشطبه من مضبطة جلسة الإقرار، ثم طالبوا الحكومة بسحب طلب «المزمع»، وطالبوا مجلس الأمة بإصدار قرار جديد يُعتبر بموجبه قرار «المزمع» منعدما كأن لم يكن. وبعد استقالة الحكومة وتشكيل أخرى، استجوبوا رئيس الحكومة الجديدة على مجموعة قضايا، كان من بين أبرزها امتناع مجلس الوزراء «عن الإقرار بانعدام مشروعية طلب تأجيل الاستجوابات المزمع تقديمها». هؤلاء النوّاب انقلب فجأة موقفهم تجاه قرار «المزمع»، حيث تجاهلوه تماماً في مجلس 2022، ولم يجدّد أيّا منهم مطالبة الحكومة الإقرار بانعدام مشروعية طلب «المزمع».

وهذا ليس انقلابهم الوحيد المرتبط بقضية «المزمع»، لأن موقفهم انقلب أيضاً تجاه المبرر الذي استندت عليه الحكومة في تقديم طلب «المزمع»، حيث جاء في كلمة رئيس الحكومة عند تقديم الطلب «أمامنا عمل ومصلحة عليا للبلد وملفات يجب أن نوليها ما تستحقه» و«من هذه الملفات الصحة والاقتصاد والتعليم والإسكان والتوظيف ومكافحة الفساد وغيرها من الملفات المهمة التي بحاجة إلى وقت كافٍ لحلها».

الشاهد أن نوّاب الحراك الذين حرموا رئيس الحكومة السابق من مهلة للعمل؛ حيث قدّموا ضدّه استجواباً بعد خمسة أيّام من أدائه القسم أمام سمو الأمير، واستجواباً آخر قبل أدائه القسم أمام المجلس، كما أعلنوا النيّة لتقديم استجوابات تلو الاستجوابات؛ هؤلاء النوّاب انقلب موقفهم فجأة وتبنّوا تحصين رئيس الحكومة الحالي من الاستجوابات بالمبرر ذاته الذي رفضوه من رئيس الحكومة السابق.

وبهذين الانقلابين، وبغيرهما من انقلابات في المواقف، أفسد نوّاب الحراك مراراً تحت شعار الإصلاح السياسي. ففي شأن «المزمع» مثلاً، هم الذين شاركوا باستجواباتهم العبثية في دفع رئيس الحكومة السابق إلى تقديم طلب «المزمع» غير الدستوري. وهم الذين رسّخوا وأصّلوا هذه السابقة البرلمانية الخطيرة بالتغاضي عنها ابّان المجلس المبطل الثالث 2022، بعدما أكّدوا مراراً على أن المخرج الوحيد لخطيئة «المزمع» هو إقرار مجلس الوزراء عدم مشروعية الطلب... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي