No Script

من الخميس إلى الخميس

الطابور الخامس

تصغير
تكبير

لا شك أنّ هناك صراعاً بين بعض قيم الإسلام وبعض قيم الغرب، لا سيما بريطانيا وفرنسا، وأقول بعض القيم لأنّ معظم قيم الإسلام وتلك الدول تتشابه، فالحرية والعدالة والمساواة هي قيم مشتركة، بل إن الإسلام في تلك القيم له الأسبقية وله مسحة الرحمة في تطبيقها.

فمنذ أن أحاطت الخلافات الإسلامية أوروبا، واشتعلت بينهم الحروب والحروب المضادة بدا واضحاً أن تلك الحروب ستستمر للأبد، حروب باردة كانت أم ساخنة، الخلاف بين الطرفين له أدواته، ولعل أهم أدوات ذلك الخلاف والصراع ضد العرب والإسلام الصحيح هو تجنيد الأعوان.

فكرة تجنيد الأعوان بدأت منذ الحملة الصليبية السابعة عام 1250 ميلادية، وعبّر عنها لاحقاً الملك لويس التاسع ملك فرنسا وقائد الحملة الصليبية الثامنة؛ وقد أكّد الفكرة نفسها البطريرك غريغوريوس، كبير قساوسة اليونان والذي على الرغم من كرم الدولة العثمانية واستضافتها له لم يخجل من أداء النصائح لروسيا في كيفية الانتصار على المسلمين، وأهمها تخريب بنيتهم الداخلية وعقيدتهم النقية عن طريق الأعوان.

اليوم، ترى هؤلاء الأعوان في كل مكان في عالمنا الإسلامي، وهم أكثر تركيزاً عند العرب لا سيما إذا كانوا في بلاد الجزيرة العربية التي تجمّعت فيها عناصر الأمل المقبل.

تحت مسميات عدة يتم تخريب قواعد المحبة بين الشعب الواحد، طائفية وقبلية وفئوية وأخطرها التغريبيّة.

اليوم، نرى بيننا مجموعة من الناس لا يجمعهم سوى كره الدين، لا يُصلّون ولا يصومون ويتكلمون ليلاً ونهاراً عن الإرهاب الديني، يلتحفون لباس الليبرالية وهم لا يفهمون من قواعد الليبرالية شيئاً، يفهمون الحرية أنها حرية شرب الخمر والحفلات المُختلطة، أما الديموقراطية فمعناها أن يفوزوا هم فقط بالانتخابات، يفهمون من المساواة ان نصبح نحن العرب جزءاً من ثقافة الغرب.

نشروا بين شبابنا كل بدع الثقافات وحاربوا لغتنا وثقافتنا في كل المحافل ونجحوا في جعل بعضاً من شبابنا غرباء في ملبسهم ولسانهم وفكرهم، شغلوا المجتمع في حروب داخلية متواصلة، وشغلوا أصحاب الرأي في قضاياهم التافهة بدل التركيز على تلقي العلم الحقيقي وتطوير الثقافة.

هؤلاء اليوم هم أقوى أعداء الإسلام، فثيابُهم مطاطّية وواسعة، فالطائفي الذي يكره الإسلام الصحيح ينزع ثوب طائفيته ويرتدي لباس الليبرالية ليهاجم من يشاء من علماء الإسلام، والفاسد الذي يغضب لنظرة المجتمع له واعتراض المجتمع على تصرفاته يرتدي لباس الليبرالية ليدّعي أنه صاحب فكر بدل صاحب كأس، بل إن الصورة السلبية تلك اقتحمها أيضاً عرب من دين آخر لبسوا، زوراً، رداء المفكرين والمثقفين وهدفهم هو تمزيق أمة العرب وإضعافهم لصالح أعدائهم، وهكذا تحولت الليبرالية بأيديهم من قيم نبيلة إلى مجرّد مخلب يستخدمه أعوان الغرب لدينا في حربهم ضد الإسلام.

يا سادة إن قيم الليبرالية الحقيقية جاءت مع أول كلمة نزلت على نبي الإنسانية «اقرأ»، وجاءت مع مجموعة ممارسات فهمها جيل أصحاب النبي (كيف استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً)، هذه هي ممارسات خير أمة أُنزلت للناس، تعلّمتها كلّ الأمم وصدّروها بمسميات عديدة.

الحقيقة الناصعة أن قيم ديننا تناسب كل باحث عن الحرية والعدالة والمساواة، ومن يكره ديننا فهو ليس ليبرالياً، هو مجرد طابور خامس يعيش بيننا.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي