ها نحن نعيش أجواء عيد الفطر السعيد، والعيد شعيرة دينية وجائزة لمن صام شهر رمضان المبارك، مثل الطالب الذي اجتهد طوال العام وكانت الجائزة النجاح في الاختبار، والعيد انتقال من حال إلى حال، وليس فقط هذا الانتقال في الزمن ولكن يجب أن يلازمه الشعور ونفس جديدة وميلاد جديد.
وفي العيد، كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، الاغتسال للعيد، ويلبس أجمل ثيابه يوم العيد، حاول أن تصنع الفرحة والابتسامة على الوجوه الحزينة لتفرح وتفرح أبناءها في هذا اليوم، والنفس البشرية تحب أن تكون في أفضل صورة أمام الآخرين، وديننا يعترف ببشرية الإنسان ويفهم طبائع النفوس.
وحب الجمال من طبيعة الفطرة الإنسانية، وتجد أن الطبع والشرع اجتمعا على ذلك، وأن الجمال من مقاصد شرع ديننا الحنيف، وقال تعالى: «يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ». (الأعراف:26)، قال بعض المفسرين: خص سبحانه الريش بالذكر، لأنه ليس في أجناس الحيوان كالطير في كثرة أنواع ريشها، وبهجة مناظرها، وتعدد ألوانها، فهي جامعة لجميع أنواع المنافع والزينة.
ويقول الإمام ابن الجوزي، كلاماً جميلاً في الذين يتحدثون عن خلاف الزينة والتزين: «وهذا ليس بشيء، فإن الله تعالى زيننا لما خلقنا؛ لأن للعين حظاً من النظر، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أنظف الناس وأطيبهم، وكان لا يفارقه السواك، ويكره أن تشم منه ريحٌ ليست طيبة».
وفي يوم العيد إذا أردت أن تشعر به بشعور صادق ماعليك إلا أن تلاحظ الأطفال الصغار لأنهم من أمهر صناع الفرح والجمال في العيد، ومن يمتلك نفس وقلب طفل سيفرح، فالأطفال لا يفكرون كثيراً، وسهل إرضاؤهم، ويجربون كل شيء وليس لديهم أي عقد نفسية، وهم سفراء السعادة في كل الأوقات، إذاً، فالأطفال هم من أمهر صناع الفرحة والابتسامة على الإطلاق، وأمام ضحكاتهم وابتساماتهم لا يسعك إلا أن ترمي الأحزان خلف ظهرك، وأمام هذه الابتسامات الصادقة ينحني أكبر وأقوى الرجال.
لتكن كلماتك ترجمة لمعاني العيد، لذلك ابتعد عن الحديث عن كل شيء لايناسب هذا اليوم خصوصاً من نشر الأخبار السلبية أو الحزينة، فلديك بقية أيام العام تتحدث بما شئت، لأن العيد فيه خصوصية لنا وهو جداً قصير مجرد ساعات وينتهي، فهو يوم الفرح والبشاشة والزينة وكل شيء جميل.
ومع كثرة انشغالات الإنسان لكسب المعاش وتوفير لقمة العيش لأبنائه خصوصاً من إخواننا الوافدين، قد لا ينظر إلى الفرح والسعادة والاهتمام بهما خصوصاً مع تقدم العمر، حتى يأتي العيد ليذكرنا بالفرح والسعادة والبهجة، وتلاحظ فرح كل المجتمع بهذا العيد، في التلفاز والإذاعة وحديث المجالس كلها تتحدث عن هذا الفرح بيوم العيد.
في يوم العيد، فرصة للتقرب أكثر بين الأبناء والزوجات والأرحام، وازالة الحواجز والرواسب، ومحاولة لتجديد التسامح والحب من جديد، وأن نرسم البسمة على وجوههم، وهذا لا يقدر عليه إلا من يقدر قيمة الفرح، فلنستثمر هذه الأوقات لننثر الحب والجمال في يوم العيد.
الفرح والسعادة والسرور في العيد، لا تحتاج إلى إمكانات كبيرة بقدر ما تحتاج إلى نفوس نقية صافية متسامحة لا تحمل الحقد على الآخرين، لأنها نابعة من أعماق النفس الإنسانية، وهي بحاجة إلى تفهم حاجة النفس قبل كل شيء، وقد تكون بإمكانات قليلة بسيطة لا تكلف شيئاً، ولكنها فقط تحتاج إلى نفسية الطفل الذي لا يحمل الحقد على أحد.