توجه قانوني لرفع دعوى بطلان القرار لعدم الاختصاص ومخالفة المادة «6» من قانون المرور
هجمة شعبية مرتدة على رفع تأمين السيارات... فهل يتراجع الرقيب؟
- رفض شعبي واسع لزيادة أعباء المواطنين ومطالبة بسحب القرار
- مشاري الحربش: «وحدة التأمين» خالفت بقرارها قانون حماية المنافسة والمادة «6» من قانون المرور
- سالم العنزي: مراجعة القرار لضمان الشفافية وحفاظاً على حقوق المواطنين
- عبدالله الطارش: القرار يرفع معدلات التضخم ويُرهق المواطنين بأعباء غير مستحقة
بمجرد أن أصدرت وحدة تنظيم التأمين قرارها رقم 24 لسنة 2023 الخاص بإصدار نظام توحيد وثيقة تأمين المسؤولية المدنية الناشئة عن حوادث المرور (التأمين الإجباري للسيارات)، لم يخفت الحديث داخل دواوين الكويت بين مؤيد وأغلبية معارضة، فضلاً عن الضجة الواسعة التي أحدثها القرار بعد أن تضاعفت القيمة بأكثر من 100 في المئة بأقل الحالات المشمولة.
وأثناء النقاشات المقترحة شعبياً وقانونياً في هذا الخصوص، برزت المادة «6» من قانون المرور رقم 67/ 1976 لتكون المادة الأكثر تداولاً بين جميع الأوساط المعارضة التي تراها كفيلة بأن تجعل قرار رفع رسوم التأمين الإجباري على المركبات والعدم سواء، باعتبارها تنص على أنه «يشترط لترخيص أي مركبة آلية أو تجديد ترخيصها التأمين من المسؤولية المدنية الناشئة عن حوادث المركبة تأميناً ساري المفعول مدة الترخيص ويُصدر وزير الداخلية قراراً بقواعد شروط التأمين».
ويبدو أن الرفض الشعبي لقرار رفع تأمين السيارات الذي سيكون سارياً بدءاً من يوم 16 من الشهر الجاري ليس قائماً فحسب على قفزة التكلفة، حيث يغذي النقاش رأي قانوني يدفع ببطلان قرار زيادة رسوم التأمين الإجباري للمركبات كونه صادراً من قبل وحدة تنظيم التأمين ما يخالف قانون المرور رقم 67/ 1976 الذي منح ضمناً وضع شروط وقواعد تأمين ضد الغير لوزير الداخلية فقط ومن ثم يكون مخالفاً لجهة الاختصاص.
رأي مخالف
ومن أصحاب هذا الرأي القانوني مشاري جاسر الحربش الذي كشف لـ«الراي» أنه سيتقدم قضائياً بطلب بطلان القرار كونه حسب رأيه مخالفاً لصحيح القانون ومنعدم لصدوره من غير ذي اختصاص، حيث محدد تعديل لائحة رسوم التأمين الإجباري بالأساس لوزير الداخلية بصفته وفقاً للمادة «6» من قانون المرور 67/ 1976.
وبيّن أن تصدير القرار في إحدى مواد ديباجته بناء على مذكرة التفاهم بين وحدة التأمين ووزارة الداخلية الموقعة في 11 نوفمبر 2020 لا يشكل اعتباراً قانونياً إذ حدد القانون الصلاحية لوزير الداخلية، مشيراً إلى أن قانون وحدة تنظيم التأمين لم يُشر صراحة أو ضمنياً بإلغاء المادة السادسة.
وقال الحربش إن ما يزيد وجاهة الرأي القانوني في هذا الخصوص أن لائحة التأمين المعدلة بالزيادة الكبيرة تنسحب على إجراء إجباري، ومن ثم لم يترك لصاحب المركبة حرية الاختيار باعتباره إلزامي، لافتاً إلى أن هذه الخصوصية تجعل جميع المواطنين والمقيمين من أصحاب السيارات مخاطبون بالقرار، ما يشكل ضغوطاً مالية لما يحمله من تكلفة إضافية غير مبررة.
وأفاد الحربش بأن ما يزيد اعتبارات بطلان القرار قانونياً إلزامه بآلية موحدة لأسعار التأمين الإجباري، ومن ثم مخالفة قانون جهاز حماية المنافسة الذي يمنع الاتفاق بين شركات التأمين على سعر موحّد بينها للخدمة المقدمة، باعتبار أن ذلك يضر بروح التنافس.
قواعد وشروط
وحسب القرار تم رفع تعرفة وثيقة التأمين ضد الغير للمركبات الخصوصية وما يعادلها للأفراد من 19 إلى نحو 32 ديناراً يضاف إليها ديناران على كل راكب، إضافة إلى دينارين رسوم إشراف ورقابة على كل الوثائق، ما يعني أن قيمة تأمين سيارة 4 ركاب نحو 42 ديناراً، أما المركبات الخصوصية وما يعادلها لغير الأفراد فتقارب قيمة القسط الأساسي 53 ديناراً يضاف إليها ديناران عن كل راكب، أما تأمين سيارات نقل البضائع والشاحنات والمركبات الإنشائية لغير الأفراد فتصل لـ73 ديناراً سنوياً.
من ناحيته، غرد النائب السابق محمد هايف مؤكداً بطلان قرار زيادة قيمة التأمين الإجباري للمركبات لمخالفته المادة «6» التي أعطت الاختصاص الأصيل لتحديد قواعد وشروط هذا النوع من التأمين فقط لوزير الداخلية، مبيناً أن ذلك جاء في المادة «82» من اللائحة التنفيذية لقانون المرور بقرار من وزير الداخلية.
ميزانية إضافية
من جهته، لفت العميد المتقاعد عبدالله الطارش لـ«الراي» إلى أن قرار رفع رسوم التأمين الإجباري للمركبات يشكل أعباء إضافية غير مستحقة على المواطنين، كما أنه يسهم في زيادة معدلات التضخم المرتفعة أصلاً بشكل غير مباشر.
وأشار الطارش إلى أن القرار حدد رسماً تأمينياً لمركبات نقل البضائع والشاحنات والمركبات الإنشائية مرتفعاً لحد كبير، موضحاً أن المعدلات الجديدة ستدفع أصحاب هذه المركبات إلى رفع تعرفة الأجرة على المواطنين لتعويض ما سيدفعونه من تكلفة مبالغ فيها حسب رأيه.
ودعا الطارش المعنيين لإعادة النظر في القرار، مؤكداً أن الرسوم الجديدة تتطلب ميزانية إضافية من شأنها إرهاق جيوب المواطنين لا سيما المتقاعدين برسوم غير مستحقة حيث سيكونون بسببها مضطرين لمضاعفة تكلفة مركباتهم التأمينية والتي تشمل أبناءهم في التعليم وحديثي التخرج.
ارتفاع الأسعار
من جهته، قال الدكتور سالم جهاد العنزي لـ«الراي» إن رفع رسوم التأمين الإجباري في ظل الأوضاع الساخنة سياسياً يزيد الحيرة حول مسببات القرار ودوافعه الحقيقة، داعياً إلى مراجعة القرار ضماناً للشفافية وحفاظاً على حقوق المواطنين الذين يعانون أصلاً من ارتفاع الأسعار وثبات الرواتب.
وشدد العنزي على بطلان القرار لاعتبارات قانونية وأخرى لجهة فرض كلفة إضافية دون أن يقابلها تغيراً ملموساً في مكونات الخدمة المقدمة.
«وحدة التأمين» واثقة من سلامة موقفها القانوني... والرقابي
من الجهة الأخرى وخلافاً لمعارضي قرار رفع رسوم التأمين، أكدت مصادر لـ«الراي» أن وحدة تنظيم التأمين واثقة من سلامة موقفها القانوني والرقابي، مبينة أن المادة «6» من قانون المرور أعطت بالفعل لوزير الداخلية حق وضع وشروط قواعد التأمين لكنها لم تختصه بحق تحديد للسعر.
ولفتت إلى أن قانون «وحدة التأمين» رقم 125 يعطي حق اختصاص تحديد أسعار وثائق التأمين الإجبارية للوحدة، فيما يلغي في مادته «91» أي نص أو حكم يخالفه، أخذاً بالاعتبار أنه قانون لاحق وليس سابقاً، ومنح الوحدة حق الاختصاص باعتبارها الجهة الرقابية المعنية بتنظيم القطاع.
وبيّنت أن لائحة الرسوم المحدثة من قبل «وحدة التأمين» جاءت بناء على دراسة مستفيضة راعت كافة الأبعاد، مؤكدة أن الأسعار المقدمة لا تعكس القيمة العادلة والتي تتجاوز في حالة تأمين السيارات الخاصة 50 ديناراً وليس 32 كما هو مقرر حالياً.
وذكرت المصادر أنه يتم تقدير قيمة التأمين بناء على حجم الحوادث والتعويضات، وهي نسبة عالية في الكويت، منوهة إلى أن هناك أحكاما تلزم شركات تأمين محلية بدفع رواتب مدى الحياة لعملائها تتراوح بين 500 و800 دينار، ما استدعى تعديل اللائحة بما يقارب الأسعار الجديدة.
ولفتت المصادر إلى أن هناك قفزات سعرية تحققت منذ صدور قانون المرور، فعند صدوره عام 1976 كانت قيمة الدية الشرعية 2.5 ألف دينار، في حين ارتفعت حالياً إلى 10 آلاف، مضيفة أن في هذا الوقت لم تكن هناك«وحدة تأمين»معنية قانونياً بتنظيم هذا القطاع وأسعار وثائقه وحقوق عملائه.
وشددت المصادر على حق أي شخص بالتظلم على القرار، مؤكدة أن «وحدة التأمين» تحركت بهذا الاتجاه بطريقة مدروسة قانونياً ورقابياً.