No Script

رأي نفطي

التوجّه النفطي المُستقبلي

تصغير
تكبير

كما يبدو أن هناك توجهاً إستراتيجياً جديداً لشركة أرامكو السعودية حول آلية زيادة الضخ أو الاستثمار والتنقيب على النفط، وأن تكون بمشاركة المستهلك.

وهذا التوجه تبدو ملامح تطبيقه نتيجة للاتفاقية التي وقعت بين الصين وأرامكو السعودية في مجالي البتروكيماويات والنفط في آن واحد، تقوم بموجبها الشركة النفطية السعودية بتزويد شركة «رونجشينج للبتروكيماويات»، بنحو 500 ألف برميل من النفط، والتي ستمتلك أرامكو في الشركة 10 في المئة وبكلفة تبلغ نحو 4 مليارات دولارات. وكذلك المشاركة في بناء مصفاة جديدة مع تزويد أرامكو بـ300 ألف برميل في اليوم، لتنتهي بـ800 ألف برميل إضافية تتجه إلى الصين.

من شأن ذلك، أن تتفوق السعودية على روسيا مستقبلاً في تزويد أكبر دولة مستوردة للنفط، ليبلغ ما تصدره السعودية للصين نحو 2.700 مليون برميل يومياً مباشرة إلى المصافي وقطاع البتروكيماويات من دون التأثير المباشر على أسعار النفط أو المضاربات اليومية.

وهذا التوجه السعودي أو الإستراتيجية الجديدة بربط التزويد بمشاركات نفطية لضمان أسواق ومنافذ آمنة، بدلاً من الاعتماد على التوقعات المستقبلية لمعدلات الطلب العالمي على النفط.

وفي الوقت ذاته تريد قبل البحث والتنقيب عن النفط ضمان وجود المستهلك وبعقود طويله المدى، وعدم الإفراط في المال والمصادر.

وذلك حفاظاً على الاستثمار والتدفقات المالية عبر مشاركة الطرفين والشركاء بعقود واستثمارات بعيدة المدى.

ومن دون الانجراف بتقديم خصومات رهيبة مثلما تفعل روسيا حالياً بزيادة صادراتها النفطية إلى كل من الصين والهند. حيث تفوقت على السعودية بأكثرمن 300 ألف برميل.

لتصل إلى 2 مليون برميل من النفط الروسي إلى الصين مقابل 1.700 من النفط السعودي في الوقت الحاضر ونتيجة لظروف المقاطعة الأوروبية والأميركيه المشتركة.

وأخذ التوجه السعودي أيضاً بعين الاعتبار الكميات المتوقعة من دول الخليج العربي خلال السنوات المقبلة مثل زيادة العراق إنتاجه إلى 10 ملايين برميل في اليوم بحلول 2030، وأبوظبي إلى 5 ملايين.

مع احتساب والتوقع بوصول إيران إلى زيادة إنتاجها ولتعود عضواً فعالاً في المنظمة النفطية. وهذه الرؤية المستقبلية للسعودية تدفعها نحو هذا التوجه في اتخاذ القرارات النفطية الجديدة ولتبتعد عن المضاربات اليومية من خفض أو زيادة الخصومات.

وهذا التوجه قد يكون سليماً وإيجابياً، وقد يعود بفائدة كبرى مع عزوف الشركات النفطية الأجنبية عدم زيادة معدل استثماراتها في الإنتاج والتنقيب والبحث عن النفط، معولة على الاستفادة من ارتفاع أسعار النفط لتحقق المكاسب والفوائد المالية وتوزيع الأرباح لملاكها، والاكتفاء بأقل استثمار في النفط، وترك الاستثمار والمخاطر لدول (أوبك+).

ربما يتم ربط هذا التوجه الجديد إلى الهند مستقبلاً، حيث تتفوق حالياً روسيا كأكبر مزود للنفط وبخصومات عالية حيث وصلت إلى أكثر من 930 ألف برميل في اليوم، بعدما كان العراق أكبر مزود لها، ثم أرامكو السعودية.

وبسبب المقاطعة الأوروبية ودول السبع الكبرى لروسيا، لم يكن أمامها من خيار سوى زيادة الخصومات وبسعر أقل كذلك من سقف السعر الأوروبي لبيع نفطها.

أمام هذه المعطيات فإن توجه أرامكو بضمان استثمارها في مجال التنقيب وزيادة إنتاجها مقابل أسواق ومنافذ آمنة غير معرضة لتقلبات أسعار النفط، والحصول على مشتقات نفطية ومواد بتروكيماوية متقدمة، إضافة إلى صناعة جديدة مع شريك قوي متين ومن أكبر مستهلكي النفط في العالم، هذا توجه إستراتيجي ورؤية جديدة واضحه المعالم.

وقد تؤدي هذه المشاركة إلى احتمال شراء الصين نسبة أسهم شركة أرامكو. ولتصبح فعلاً المشاركة مستدامة بين قوى الطاقة لتشمل أيضاً دول الخليج العربي، وفوزاً بالتساوي بين الطرفين.

كاتب ومحلل نفطي مستقل

naftikuwaiti@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي