No Script

رؤية ورأي

إنهاء مسلسل إبطال المجلس

تصغير
تكبير

سألني أحد الإخوة الأعزّاء عن رأيي في كيفية إنهاء مسلسل إبطال إرادة الأمّة المقترن بإبطال مجالس الأمة، فأجبته: بحسن اختيار ممثلينا في المجالس المقبلة، باختيار نوّاب إصلاحيين راشدين، لا سياسيّين بلطجيّين مفسدين باسم الإصلاح، بانتخاب رجال دولة متمسّكين بالنظام الدستوري العام في البلاد، لا رجال تكتلات سياسية ديدنها نخر أركان الدولة باسم الشعب والدستور.

حلقات مسلسل الإبطال توالت لأن العديد من النوّاب الذين تظاهروا بالتمسّك بالدستور رفضوا مراراً وتكراراً الخيار الدستوري لمعالجة الاحتقان بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وهو خيار استقالة الحكومة واستمرار المجلس. حيث أصرّوا تحت شعار «رحيل الرئيسين» على خيار ثالث غير دستوري، الخيار الهجين الذي يجمع الخيارين الدستوريين: استقالة الحكومة أو حل المجلس. وهذا العوار الدستوري، المتمثّل في تبنّي الخيار الهجين، أشير إليه في حيثيّات حكم إبطال مرسوم حل مجلس 2020.

حلقات مسلسل الإبطال سوف تستمر لأن النوّاب الذين لم يراعوا في مارس 2021 سلطة الأمير «الحصريّة الفردية» في إصدار «الأمر الأميري» بتعيين الشيخ صباح الخالد، رئيساً للوزراء آنذاك، وقدّموا ضدّه ثلاثة استجوابات قبل قسمه وفريقه الوزاري أمام المجلس؛ لم يكتفِ هؤلاء النوّاب بالتباكي على سلطة الأمير في إصدار «المرسوم الأميري» بحل مجلس 2020 – الذي تضمّن أيضاً توقيع رئيس الوزراء – بل يطالبون اليوم باستمرار صلاحية المرسوم، رغم إبطاله بحكم صادر من المحكمة الدستورية واجب النفاذ وغير قابل للطعن.

حلقات مسلسل الإبطال سوف تتوالى لكثرة عدد النوّاب البلطجيّين في المشهد السياسي. نوّاب تسابقوا في تقديم اقتراحات بقوانين في الأيّام والساعات الأولى من عمر المجلس المبطل الثالث، ثم تقاعسوا عن إقرارها، وتودّدوا وتهادنوا مع الحكومة التي تأخّرت وتخلّت عن برنامج عملها، ثم فجأة انقلب حالهم وثاروا وفجروا في الخصومة بعد صدور حكم إبطال مجلسهم.

مظاهر البلطجة متعدّدة، من بينها الادعاء بأن لا أحد قدّم طعناً بمرسوم حل مجلس 2020، أمام المحكمة الدستورية، وهذا بهتان مخالف للواقع الموثّق في حيثيات حكم المحكمة الدستورية الأخير، الذي صدر في الطعنين المقيّدين في سجل المحكمة الدستورية برقم (15) و(44) لسنة 2022.

ومظاهر الفجور في خصومتهم كثيرة، من بينها الحملة الإعلامية التشويهية التحريضية على بعض رموز وأركان الدولة كالمحكمة الدستورية. فلم يكتفوا بالطعن في ذمم الأشخاص، بل تمادوا في تزييف الحقائق وتغييب واقع أن حكم الإبطال حصّن إرادة الأمّة بالتأكيد على ضرورة توافر الشروط الدستورية في المراسيم الأميرية بحل مجالس الأمّة قبل رفعها إلى المقام السامي.

لن نصل إلى الحلقة الأخيرة من مسلسل إبطال مجالس الأمّة، إلا بعد أن نستنكر البلطجة والفجور في الخصومة، ونتصدّى لها ونطالب باستبدالها بنهج إصلاحي رشيد. فتطوير القضاء – مثلاً – لن يتحقق من خلال موجات التشكيك والطعن بعد كل حكم لا يتوافق مع آراء ومصالح مجموعة من النوّاب، بل يتحقق من خلال مكافحة مستمرّة للفساد وفق الآليات الدستورية والقانونية المتاحة، وبالتزامن مع تشريعات متواصلة لتنمية معايير النزاهة والشفافية في منظومة العدل. وما عدا ذلك ليس إلا بلطجة أو تهريجاً.

المسلسل سوف ينقطع عندما نحسن اختيار النوّاب، وذلك بعد هدّم أسوار التجهيل السياسي التي تحصّن الكثير من النوّاب من التقييم الموضوعي، وبعد استعادة حقّنا نحن الشعب في محاسبتهم. سوف ينقطع المسلسل عندما نُصر على تقويم أداء النواب ومحاسبتهم على تقاعسهم وفشلهم في تحقيق برامجهم الرقابية والتشريعية، مهما ارتفع زخم حملاتهم البلطجية لإشغالنا عن المحاسبة.

سوف ينقطع المسلسل عندما نمتنع عن إعادة انتخاب نوّاب متفوّقين في التنظير بمرئيّاتهم، ومتميّزين في دعم وتنفيذ مشاريع وأجندات غيرهم، ولكنهم فاشلون في تحقيق مرئيّاتهم، وبارعون في إلقاء اللوم على الحكومة تارة وعلى القضاء تارة أخرى وعلى زملائهم النوّاب تارة ثالثة... «اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي