أضع بين يديك عزيزي القارئ، ثلاث «قطايف» رمضانية، أتمنى أن تنال إعجابك، أو لا تنال إعجابك... المهم هو أن تنزل الرواتب قبل العيد... والباقي تفاصيل!
القطيفة الأولى بالجبن:
في1 أكتوبر 1949 في لبنان، تم تعيين بهيج تقي الدين، وزيراً للزراعة بحكومة رياض الصلح في عهد الرئيس بشارة الخوري.
وعندما علم أخوه الأديب والكاتب الصحافي سعيد تقي الدين، أن أخاه أصبح وزيراً في الحكومة، كتب له هذه الرسالة:
«تحياتي أخي بهيج، علمت أنك قد أصبحت وزيراً، وهذا شرف كبير لعائلتنا ومنطقتنا، وأريد أن أذكرك أننا عندما كنا صغاراً كنا نتسابق للنوم في فراش أبينا على روحه السلام، وأتذكر أن الوالد كان يشم رائحة أيدينا ليتأكد أنها نظيفة وأننا غسلنا أيدينا بعد الطعام، لكي يسمح لنا بالنوم في فراشه.
والآن يرقد أبونا تحت التراب، ولا شك أننا سوف نرقد معه بعد مدة، فاحرص يا أخي أن تكون يداك نظيفة لكي ترقد معه بأمان».
القطيفة الثانية بالقشطة:
كل محاولات الوعظ والإرشاد التي تنبه حول خطورة متابعة وتقليد نجوم «السوشيال ميديا» و«الفشنستات»... فشلت فشلاً ذريعاً، لأنها كانت تعالج ظواهر للمشكلة الأساسية، وأي حملة لتعديل السلوك في المجتمع ستفشل إذا عالجت الظواهر وليس الجذر، بما في ذلك حملة «المخدرات» التي هي نتاج لها وتمظهر لأثرها... المشكلة في النزعة «الاستهلاكية» والتي تعدت مرحلة «المادية» إلى مرحلة الاستهلاك في المعنى، وكلها أصبحت دكاترة وأصحاب دراسات عليا.
ولأنها أصبحت كلها دكاترة وأصحاب دراسات عليا بـ«الاستهلاكية»، فحتى المبادرات التي تُقدم لعلاج المشاكل هي الأخرى «استهلاكية»، فمثلاً «الدوام المرن» الذي قُدم للمواطنين بلا دراسة علمية في بلد كله دكاترة وأصحاب دراسات عليا، هو أكبر دليل أننا غارقون في الاستهلاكية، نريد الإنجازات السريعة بلا تكاليف، وبلا دراسات، وبلا تفكير...
الاستهلاكية هي المشكلة الكبرى في بلد أمام كل مواطن فيه 4 وافدين يخدمونه، وأمام كل سيارة له 4 سيارات توصيل لطلباته.
القطيفة الثالثة بالمكسرات:
في كتابه «الفاجومي» سيرة أحمد فؤاد نجم، والذي قدم له الكاتب صلاح عيسى، يذكر أنه ذات يوم تلقى الرئيس عبدالناصر، تقريراً أمنياً حول ظاهرة الشاعر أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام؛ جاء في التقرير أنهما يذيعان أشعاراً مناهضة للحكم، ورغم ذلك فإن الصحف تتحدث إليهما ويذيع التلفزيون برنامجاً يتضمن أغانيهما، وتستضيفهما النقابات والجمعيات الثقافية، فطلب الرئيس أن يستمع إلى أغانيهما، ثم استدعى إليه وزير الإعلام الأستاذ محمد فائق وسأله:
إزاي سايبينهم يقولوا الكلام ده... ما اعتقلتهومش ليه؟ فرد الوزير:
البلد مجروح بسبب الهزيمة، وأن من مصلحة النظام أن يسمح بفرصة محسوبة للتعبير عن آلام الجراح، وأن ما يكتبه «نجم» رغم قسوته، نقداً صحياً يمكن احتماله، وأن اعتقاله هو وزميله المغني الضرير سيثير ضجة بين المثقفين.
لكن عبدالناصر - الذي كان مثل كل الثوار يتألم إذا ما نقده ثائر- قال بغضب:
- بلا مثقفين... بلا كلام فارغ... اعتقلوهم!
أتمنّى لك عزيزي القارئ صوماً مقبولاً وإفطاراً شهياً. وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله...أبتر.
moh1alatwan@