شهر كريم يستقبله العالم الإسلامي بقلوب مفعمة بالإشراق، تقبل فيه الدعوات وأنفاس الصائم فيه تسبيح، ونومه عبادة، ودعاؤه مستجاب، فالقلوب فيه مفعمة بالخير والأيدي مرفوعة إلى السماء بالابتهال بأن يجعله الله الكريم شهراً ممتلئاً بقبول الدعوات، وتنزل فيه الرحمة على الناس فيشعرون بالطمأنينة والاستقرار.
تراث جميل لأهل هذه الديرة الطيبة قديماً في شهر رمضان المبارك قبل أن تثور الواردة ينشغل الأطفال في ألعابهم الكثيرة والمتعددة.
ولعل من أشهرها مفاتيح تملأ بالبارود وتضرب بالحائط فتخرج صوتاً كأنهم يمثلون الواردة.
والناس في فصل الصيف وقبل أن يطلق مدفع الإفطار يذهبون إلى باعة الثلج ليشتروا أجزاءً من قوالبه، وحينها تظهر الروائح الزكية لعبق الفطور الطيب الذي يخرج من البيوت في نقصات يقدّمها الجيران لجيرانهم.
ما أجملها من أيام على قساوتها، فإن الناس تغمرهم الطيبة ويستشعرون بأهمية التواصل والتواد والتراحم في ما بينهم.
ولكثرة أنواع الأطعمة التي تطبخ في هذا الشهر الفضيل، فقد أطلقوا عليها عند قدومه أهلاً رمضان بوالقرع والبيديان، وهم يشيرون إلى أكلة التشريب التي يتميّز بها هذا الشهر.
ما أجمله من عبق،
وما أحسنه من تراث!
وتتوالى الأيام وتدلف الليالي وتتغير سماتها وأوصافها وينتشر الخير وتعم النعمة، وتدخل التقنية الحديثة في كل بيت ويحل الجو البارد في داخل البيوت مكان النسمات التي كان يتلقاها الناس وهم تحت العريش، أو في دهاليز البيوت.
ما أجملها من نعمة!
إذا كنت في نعمة فارعها
فإن المعاصي تزيل النعم
وداوم عليها بشكر الإله
فإن الإله سريع النقم
هكذا يغيّر الله من حال إلى حال.
نسأل الله الكريم أن يزيد النعمة ويجعل هذه الديرة راغدة بالخير، وأهلها يتمتعون بما حباهم الله من نعمة، وسُفرهم ممدودة للفقراء والمعوزين حتى يزيدهم الله من فضله.
إذا كان شكري نعمة الله نعمة
عليّ له في مثلها يجب الشكر
فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله
وإن طالت الأيام واتصل العمر
شهر مبارك على الجميع بالخير والدعوات المستجابة والابتهالات المقبولة، والعود الحميد المكلّل بالصحة والعافية والنماء والاستقرار والهدوء والسكينة.
يا رب كن عوناً لنا في صومنا
لنصوم دوماً عن مسار يفسد
واعتق رقاب الصائمين بأسرهم
إن الصيام غذاء عتق ننشد