No Script

ربيع الكلمات

رمضان... ليكن شهر التغيير

تصغير
تكبير

التغيير هو علم بحد ذاته، وشهر رمضان هو شهر التغيير، لأن الإنسان ينتقل من واقع إلى حالة روحانية فريدة تتكرر كل عام مرة واحدة، وهي مدرسة يتعلم فيها الإنسان دروساً كثيرة وان الوقت أغلى من الذهب وهي مدرسة قصيرة، تفتح أبوابها لمدة شهر واحد ومستمرة من السنة الثانية للهجرة إلى يومنا هذا في السنة التي فرض فيها الصوم، ولكنها تقدم مواد روحانية مكثفة أكثر من أي مدرسة أخرى، ولكن لمَنْ استعدّ لها الاستعداد الأمثل سواء على المستوى الروحي أو العقلي أو الجسدي.

في رمضان حاول أن تقلل من استخدام برامج التواصل الاجتماعي والتي جعلتنا ننتقل من برنامج إلى آخر يومياً دون أن نشعر وبالساعات، وهذا سوف يساعدك من تقليل التوتّرات التي تسبّبها هذه الأجهزة على الصحة النفسية للإنسان، وتسبّب الراحة والسكينة إلى داخل النفس، وقد يتضايق البعض خصوصاً كبار السن عندما ينشغل الواحد عنهم بهذه الأجهزة لذلك انتبه لتصرفاتك معهم.

لذلك يأتي علينا شهر رمضان في كل عام لكي يتوقف الإنسان مع نفسه وقفات جادة وسط صخب هذه الملهيات المادية، ومدرسة رمضان أجمل فرصة لنزع الأحقاد من النفوس وفتح صفحة جديدة، والتخلّص من الشوائب في القلوب، ولكي يرتّب الإنسان نفسه من الداخل، فيُعيد ترتيب حياته، ويحاسب نفسه محاسبة الشريك لشريكه الحريص على دوام الشراكة، ويبحث عن مواطن الخير فيها ويُنميها، ويعاهد نفسه على تغيير نمط حياته للأفضل، ويضع ويرسم لنفسه الأهداف التي يتمناها ويسعى لتحقيقها.

والإنسان في هذه الحياة دائماً يطمح للأفضل وللتغيير من ذاته وتطويرها إلى الأحسن، وهذا لا شك يحتاج إلى تدريب ومجهود وعمل دؤوب مستمر، وحقيقة التغيير تأتي من داخل الإنسان إلى الخارج كما جاء في قول الله تعالى: «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم».

ويقول أهل الاختصاص إن الإنسان يحتاج إلى أن يكرر الأمر الذي يود أن يغيره إلى 20 مرة تقريباً، حتى يحدث نجاحاً حقيقياً، بمعنى آخر أن الإنسان لو أراد أن يتعلم القراءة فعله أن يقرأ ولو صفحات قصيرة متكررة حتى تصبح لديه عادة، إذاً، فشهر رمضان يمتنع فيه الإنسان عن الأكل والشرب لمدة 30 يوماً تقريباً، من الفجر إلى وقت المغرب، وفي الحقيقة فإن الإنسان سيتعود على اكتساب عادات ايجابية ويشترك معه الناس في ذلك.

وإياك أن تؤجل عملية التغيير وتقول الأسبوع المقبل، ثم الشهر المقبل، والسنة المقبلة... والنتيجة لا شيء يذكر، لذلك ابدأ بالتغيير في جوانب حياتك المختلفة من الآن ولا تؤجل ذلك، لأن شهر رمضان من أفضل الشهور التي تعينك على التغيير.

ويقول الأديب مصطفى صادق الرافعي: في فلسفة الصوم إن من قواعد النفس أن الرحمة تنشأ عن الألم، وهذا بعض السر الاجتماعي العظيم في الصوم؛ إذ يبالغ أشد المبالغة، ويدقق كل التدقيق في منع الغذاء، وشبه الغذاء عن البطن وحواشيه مدة آخرها آخر الطاقة؛ فهذه طريقة عملية لتربية الرحمة في النفس، ولا طريقة غيرها إلا النكبات والكوارث؛ فهما طريقتان كما ترى: مبصرة وعمياء، وخاصة وعامة، وعلى نظام وعلى فجأة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي