تعالوا معاً نستفيد من رمضان، لديك مشاكل صحية؟ تعاني من مشاكل نفسية؟ روحك قلقة؟ كل الناس يعانون من شيء كثير أو قليل من ذلك.
لهذا كان شهر رمضان، محطة صيانة لعناصر الإنسان الثلاثة، العنصر العضوي والعنصر النفسي والعنصر الروحي.
السؤال إذاً، هل الصيام ضرورة لنا نحن البشر؟ الجواب نعم، لهذا فرضَه الخالقُ على كل البشر {كُتب عليكم الصيامُ كما كُتب على الذين من قبلكم} (البقرة 183)، إذاً الصوم حاجة بشرية تُصان فيها عناصر الإنسان الثلاثة، وكأن الصيام جزء من تعليمات الخالق سبحانه الذي أعطى كل شيء خَلْقه ثم هَدى.
فالصيام صيانة لنا من أجل المحافظة على عمل مكوناتنا بكفاءة، إذاً، تعالوا نستفيد من شهر الصوم.
إذا كنت تعاني من علة صحية؛ أو ترغب في تقوية جسدك وتحسين وظائفه، وتقليل الشحوم عليه فاستشر طبيبك لكي تجعل الصوم يعمل لصالحك وستنجح، لديك شهر كامل لإعادة صيانة أعضائك، فقط التزم بالصوم الصحيح الذي كتبه الله عليك، أوقف شهوة الأكل ونظّم ما تأكله بعد مغيب الشمس، واجعل الحركة والنشاط صحبة مع الصيام وسترى كيف يتحسن أداء خلاياك.
إذا كنت تعاني من إحباطات نفسية أو قلق أو ملل فسترى في هذا الشهر، شهر الرحمة، كيف تُصان نفسك بالصيام، ففي التقرّب إلى الله واتّباع أوامره لاسيما في صلة الرحم منافع للنفس أي منافع، فمَعَ الإحسان لوالديك؛ ورؤية أقاربك؛ ورؤية أحبابك، ومع كل تقارب للأنفس تشعر أن ما تراكم عليك من تعب طوال العام يتلاشى، وأن نفسك تنجلي والثقة بها تزداد والأمل في ما هو قادم أصبح من جديد قريباً منك، فقط ﻻ تهرب من شهر الصيام أو تنزوي بعيداً عن أنفس المسلمين، ففي هذا الشهر يشعر الصائمون ببعضهم ويتقوى كل واحد بالآخر، فالفقير تُسَدُّ حاجاته والغني يُنفق مال الله فيرتاح ويتواصل العالم الإسلامي كله ليطمئن بعضهم بعضاً.
أما إذا كانت روحك تعبة وإيمانك يملؤه الشك بخالقك فلا تهرب بعيداً، استمع إلى آيات الله التي تُتلى عليك ليلاً ونهاراً، تمعّن في معانيها وسيكون شهر القرآن هذا رحمة لروحك ومرشداً لها لتعرف أنك مخلوق ضمن عالم واسع وكون لا متناهي، وأنك أنت والطبيعة من حولك والكون الذي فوقها على عظمته ليس إلّا علامات دالّة على خالق عظيم له الأسماء الحسنى، وأن عقلنا وعلمنا على ما وصل إليه ليس قادراً على بث الروح في خلية ﻻ تراها العين وليس بقادر على استرجاع حبة سكر دخلت جوف ذبابة {يأيُّها الناسُ ضُرِب مَثلٌ فاستمعوا له إنّ الذين تدعون من دون الله لن يخلُقوا ذُباباً ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذبابُ شيئاً ﻻ يستنقذوه منه ضعُف الطالبُ والمطلوبُ} (الحج 73). ليس مثل رمضان شهراً ترى فيه الأرواح متفتحة للإيمان عطشى لكلمات الله العظيمة التي تُلامس عقل العلماء، وأرواح العباد والنفوس المطمئنة، شهر رمضان فرصة للمتشككين والذين بعد لم يروا نور الله ليتعرفوا على خالقهم ولتسكن أرواحهم التي أتعبتهم طويلاً.
بشهر رمضان نتّقي علل الجسد، ونتّقي انحرافات النفس، ونتّقي شكوك الروح فسبحانه القائل (يأيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيامُ كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) صدق الله خالقنا وربنا وهادينا.