No Script

رؤية ورأي

ما بعد حكم الإبطال

تصغير
تكبير

رغم انتشار مشاعر الإحباط بين عموم الشعب، إلا أن آراءهم ومواقفهم تجاه حكم المحكمة الدستورية، الذي أُبطل بموجبه مجلس 2022، تباينت بين مُحبط مُستاء اعتبره تجاوزاً على إرادة الأمّة وتوعّد بتجديد الاحتقان في المشهد السياسي، وبين مُحبط مُرحِّب اعتبره حكماً تاريخياً حصّن إرادة الشعب من عبث الحكومة، حيث أضاف قيداً على حق الحكومة الدستوري في رفع مرسوم حل المجلس.

بعيداً عن آراء الخبراء الدستوريين والنوّاب والنشطاء السياسيين في حكم الإبطال، القدر المؤكّد هو أن حيثيات الحكم سوف تحظر على الحكومة المرتقب تشكيلها رفع مرسوم حل المجلس الحالي (2020) في المدى القصير. والقدر المتوقّع هو أن الأحداث السياسية والبرلمانية، منذ صدور مرسوم حل مجلس 2020 إلى يوم صدور حكم إبطال مجلس 2022، سوف تُثقّل وتُعوق العودة إلى الممارسات الغوغائية التي كانت معهودة داخل قاعة عبدالله السالم ابّان مجلسي 2016 و2020، وسوف تخفف من حِدّتها.

فعلى سبيل المثال، النوّاب الذين تقبّلوا أو اعترضوا بمودّة على تعطيل الحكومة ورئاسة المجلس جلسات المجلس المبطل الثالث تصعب عليهم العودة إلى الشغب وصور الاعتراض الصِداميّة بذريعة التصدّي لممارسات مماثلة في المجلس الحالي المُعاد.

بل لن يليق بهؤلاء النوّاب حتى تكرار الاعتراض على إعادة تعيين من اعتبروهم «وزراء المزمع» في التشكيلة الحكومية المرتقبة، لأن نفس النوّاب قبلوا تشكيلة الحكومة السابقة المستقيلة التي تضمّنت أحد «وزراء المزمع»، ولأنهم لم يعلنوا معارضتهم عودة وزراء الحكومة المستقيلة، بالرغم من أنها تشكّلت بعد الجلسة الافتتاحية للمجلس المبطل الثالث التي عقدت بقوّة الدستور وترأسها النائب مرزوق الحبيني، ورغم أنها غابت عن جلسات متتالية من دون وجود ممارسات غوغائية داخل القاعة، فضلاً عن كونها الحكومة التي أبدت انزعاجها من تفعيل الأدوات الرقابية البرلمانية، حيث اشتكت من كثرة الأسئلة البرلمانية وقدّمت استقالتها قبل جلسة أوّل استجوابين. المراد أن هذه التطورات يفترض أنها سوف تُقوّم وترشّد – إلى درجة ما – أداء المعارضة في المجلس المُعاد.

وفي الجانب المقابل، جانب الموالاة، التصريحات التي أدلى بها رئيس المجلس ونائبه ورئيس اللجنة التشريعية – في المؤتمر الصحافي المشترك قبل يومين – متوافقة مع أولوية المعارضة بإقرار قوانين الإصلاح السياسي. لذلك، أضم صوتي إلى صوت الأغلبية التي تدعو إلى تخلّي النوّاب عن صراعات كسر العظم واستبدالها بروح التنافس في خدمة الوطن والمواطن، من خلال التعاون في الأولويات المشتركة، على أقل تقدير خلال الفترة التي يحظر فيها الدستور رفع الحكومة المرتقبة مرسوم حل المجلس المُعاد.

وكذلك أدعو هيئات المجتمع المدني، وتحديداً تلك التي شاركت في ندوة «الدستور لا يتجزّأ»، التي طُرح فيها أن الكويت والدستور ومصالح الشعب أكبر من التنافس الانتخابي بين النوّاب، وأهم من مسألة من يترأس المجلس، وأي الرئيسين هو الأفضل والأكثر التزاماً بالدستور؛ أدعوها إلى تبنّي مشروع لتوعية الشارع بأولويات المرحلة الحالية وممارسة الضغط الشعبي على جناحي المجلس المُعاد، الموالاة والمعارضة، لتمرير القوانين المتوافق عليها بين الجناحين، كقانون المفوضية العليا للانتخابات، ليس للأثر الإصلاحي المأمول منه؛ فلا هذا القانون ولا قوانين الإصلاح السياسي الأخرى المطروحة سوف تجدي، ما لم ننم الوعي السياسي لدى الناخب؛ وإنما لتبعات تبنّي القانون كمفتاح لتشغيل ماكينة التشريع وقوّة دافعة لتدوير عجلة التعاون البرلماني.

أمامنا فرصة استثنائية للخروج من مستنقع الصراعات إلى حدائق الزهور والثمار التشريعية، ومن أجل اقتناصها ينبغي أن نضغط نحن الشعب على النوّاب لإعداد وتبني برنامج عمل توافقي، وتأجيل مظاهر الخلاف والمشاريع الخلافية وإن كانت مستحقّة، كتشكيل لجنة تقصّي في نتائج الانتخابات الأخيرة... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي