No Script

نقطة على الحرف

وين رايحين؟

تصغير
تكبير

بالأمس، أسدلت المحكمة الدستورية الستار على مجلس 2022، ولست في محل تقدير حكم المحكمة ومدى صحته من عدمه من زاوية عدم الاختصاص وترك ذلك للمختصين في الجوانب الدستورية والقانونية... ولكن الحقيقة القائمة هي أن المجتمع تلقى حكم المحكمة بترحيب من فريق وذهول من فريق آخر، وهناك من لم يعنيه الحكم ولا من سيقود البرلمان في المرحلة المقبلة، وهذا في حد ذاته مؤشر خطير لا يبعث على الارتياح البتة... وهنا لابد أن نقرع جرس الإنذار ونتساءل إلى أين نحن ذاهبون؟ وما هو مصير تجربتنا البرلمانية الفتية في ظل هذا التأرجح القانوني؟ ومن المسؤول عن ذلك؟ وهل وصل بنا الأمر ألّا نجد من يستطيع أن يحصن القرارات من أي مثالب دستورية من قبل المستشارين القانونيين (!) خاصة أن هذا الأمر تكرر أكثر من مرة (!) لماذا نضع البعض تحت مرمى الشك؟

لماذا يعاقب المجتمع والذي لبى نداء القيادة السياسية بحسن الاختيار؟ وإن كان هذا الاختيار لا يرضي البعض وهو أمر متوقع ومشروع لأنه لا يمكن أن يجتمع الكل على خيار واحد، وهذا هو أسس الديموقراطية والتي لا يمكن أن تزدهر وتتطور إلا بالقبول بمخرجاتها والتعامل معها والتحاور بين الجميع وعدم إلغاء الآخر... هذا ما تعلمناه وخبرناه من تجارب الأمم والشعوب.

الديموقراطية كنظام حياة أطر قانونياً بدساتير غربية لم تزدهر في المجتمعات الغربية إلا بعد أن أدرك الجميع أن هذا النظام الدستوري لايمكن أن يسود ويزدهر بالفوضى، وإنما بالقبول بمخرجاتها ونتائجها والتعامل معها بسلاسة رفعت الجميع إلى أعلى درجات الوعي الديموقراطي والذي كفل لها التناغم والتعايش والتطور في مجمل مناحي الحياة... أحزاب حاكمة وأخرى معارضة وجماعات ضغط ومؤسسات مجتمع مدني تختلف في برامجها السياسية وتوجهاتها ولكن يجمعها بوصلة واحدة هي مصالح شعوبها وأوطانها. تماهت دول كثيرة مع هذا النظام الديموقراطي فحققت النماء والازدهار والتصالح المجتمعي ورفعت من درجة الوعي الشعبي وبلغت أعلى درجات الرقي الديموقراطي لأنها آمنت بالديموقراطية كنظام حياة لا يمكن التنازل عنه أو العبث به.

تجربتنا الديموقراطية وإن مرت بمراحل متعثرة إلا أن إيماننا بالنظام الديموقراطي لا يمكن أن يكون محل مراهنة وشك وهو أسلوب حياة ارتضيناه حكاماً ومحكومين، ولابد أن يدرك الجميع بأن هذا النظام هو الحصن المنيع والسد الرفيع لحمايتنا ولنا في التاريخ القريب عبرة، فمحنة الغزو والاحتلال العراقي البغيض ليست بعيدة ولقد وقف العالم معنا بفضل من الله، وبفضل من سمعة بلادنا الطيبة كدولة ديموقراطية، وتم التأكيد على ذلك في مؤتمر جدة 1990، والذي كان محط إعجاب العالم بالتلاحم بين القيادة والشعب بالتأكيد على دستور 1962، والذي نسج مواده الآباء المؤسسون وسار على نهجهم (رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه).

لايجب أن يكون ما حصل بالأمس محل تشفٍ من طرف ضد طرف آخر، ولا يجب أن يكون هناك انقسام مصلحي تمليه المصالح الشخصية الضيقة على مصلحة الوطن، يجب على الجميع تدارك الأمر والوقوف وقفة واحدة للتمعن في الحاضر وسبر المستقبل فهناك أجيال ستحصد ما يتم زرعه الآن، فدعونا نبذر لأجيالنا ما يكفل لنا الدعاء وليس الدعوة علينا(!) الكويت بحاجة إلى وقفة وطنية صادقة تضع نصب أعينها المصلحة الوطنية واللحمة الوطنية وتضع حقيقة واضحة كحقيقة الشمس في رابعة النهار بأن الكويت باقية والجميع راحلون.

لابد من العمل بروح الفريق الواحد للخروج من هذا التناحر والاخفاق المتكرر، والذي وصل إلى درجة العبث وبث في النفوس الملل إلى درجة اليأس، الكويت تستحق الأفضل وتستحق ان توضع الأمور في نصابها الصحيح والعبور بسفينة الكويت إلى بر الأمان، ولوقف هذا القصور القانوني فمن المستحب التفكير في تشكيل هيئة عليا لإعادة النظر في النظام البرلماني برمته وتصويبه بالدرجة التي تحد من الطائفية والفئوية والقبلية، وترتقي به ليكون نظاماً برلمانياً نشدو به ونفتخر لا أن يكون محل سخرية من الآخرين.

حفظ الله الكويت وقيادتها وشعبها من كل سوء ومكروه، وكتب الله لها أمر رشد.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي