رؤية ورأي

لِمَ اعتبروهم إصلاحيين أصلاً ؟

تصغير
تكبير

نظّمت الجمعيّة الكويتيّة للدفاع عن المال العام، بالتعاون مع جمعية المحامين الكويتية والجمعية الاقتصادية الكويتية وجمعية الشفافية الكويتية ومشروع الشباب الإصلاحي، في مساء الأربعاء من الأسبوع الماضي، ندوة عنوانها «الدستور... لا يتجزّأ».

الندوة في مجملها كانت إيجابية، لأنها مستحقّة وإن جاءت متأخّرة، ولأن كلمات المشاركين فيها كانت متّسقة مع عنوانها، وإن كانت جل الكلمات انتقائية في الانتقاد ومبتورة قبل المطالبة بخطوات عاجلة لإصلاح المشهد. فكان أثرها أقرب إلى امتصاص غضب الشعب من التحرّك للخروج من المستنقع السياسي.

كلمة النائب السابق صالح الملا في الندوة كانت استثنائية. فمن جانب، تضمّنت انتقادات موضوعية لأداء النوّاب من دون استثناء، من الرئاسة إلى أصغرهم، ومنذ اليوم الأول، يوم الجلسة الدستورية الأولى التي ترأسها النائب مرزوق الحبيني، ومروراً بالجلسة التي وئدت فيها مضبطة جلسة الحبيني الدستورية، ووصولاً إلى الجلسة التي سبقت الندوة بيوم التي رفعها السعدون لعدم حضور الحكومة، معلناً استمرار تعطيل المجلس إلى 70 يوماً متواصلاً. ومن جانب آخر أهم، تضمّنت كلمة الملا تحذيراً صريحاً للنوّاب، حيث طالبهم بالعمل لإقرار كل قوانين الإصلاح السياسي في أول جلسة بعد تشكيل الحكومة المرتقبة، وإلا رحيلهم سوف يكون قبل رحيل سمو الشيخ أحمد نوّاف الأحمد الصباح.

في الطرف المقابل لكلمة الملا، كانت هناك كلمات تناقض نفسها، من المنظورين الموضوعي والمنطقي. فمن المنظور الموضوعي، كان بعض المتحدّثين منحازاً في انتقاد أطراف المشهد السياسي. فكان من بينهم من طالب بالتخلّي عن الاحترام السياسي تجاه الحكومة التي لم تلتزم بوعودها السياسية، ولكنه لم يطالب بموقف مماثل تجاه النوّاب الذين هو استنكر تنصّلهم عن وعودهم الانتخابية. وحتى على مستوى النوّاب، كان هذا المتحدّث انتقائياً في انتقادهم، فانتقد بشدّة النوّاب الذين اكتفوا بتقديم اقتراحات بقوانين للإصلاح السياسي من دون تبنّيها عمليّاً، من خلال عقد ندوات جماهيرية توعوية مثلاً، ثم استثنى منهم «أربعة أو خمسة»، رغم أنهم كغيرهم لم يشاركوا في ندوات جماهيرية.

ومن باب المثال على التناقض من المنظور المنطقي، ناقض أحد المتحدّثين نفسه عندما طالب بتقديم أولوية الإصلاح السياسي على جميع الأولويات الأخرى، متذرّعاً بأن الإصلاح السياسي بوّابة الإصلاح الشامل. ولكنه في الكلمة ذاتها أكّد أننا ما زلنا في المربّع الأول ولم يتغير في المشهد السياسي إلا بعض الوجوه، رغم الأغلبية الكاسحة التي يمتلكها تكتّل النوّاب «المصنّفين إصلاحيين».

فالقدر المؤكّد هو أن النوّاب «المصنّفين إصلاحيين» شاركوا في الانتخابات الأخيرة بقائمة طويلة – غير معلنة – شملت الدوائر الخمس، والتنسيق بين كوادرهم كان على درجة عالية مماثلة لعمل كوادر القائمة الواحدة. فكوادر «حدس» – مثلاً – زكّوا بقوّة مجموعة من المرشّحين الشيعة لدى معارفهم الشيعة. ولذلك عدد النوّاب «المصنّفين إصلاحيين» في المجلس الحالي فاق التوقعات، وقوانين الإصلاح السياسي ما كانت لتزيد عددهم. المراد أن هذه الأغلبية «الكاسحة» التي يمتلكها تكتّل النوّاب «المصنّفين إصلاحيين» لم ينتج عنها أي إصلاح.

الشاهد أن إقرار ما يسمى بقوانين الإصلاح السياسي غالباً يؤمّن مقاعد كثيرة للنوّاب «المصنّفين إصلاحيين»، ولكنه لا يؤدّي بالضرورة إلى الإصلاح السياسي وغير السياسي، مثلما هو الحال في المجلس الحالي، ومن قبله مجالس قانون الدوائر الخمس.

الإصلاح السياسي لا يمكن أن يبدأ قبل إصلاح التعليم وتنمية ثقافة الشعب وقدرته على التفكير النقّدي، لتحصينه من الخداع السياسي. فلو كان الناخبون محصّنين من الخداع السياسي لما استغربوا كلما رفع الرئيس السعدون الجلسات لعدم حضور الحكومة، لأنه سبق أن رفعها للسبب ذاته ثلاث مرّات في مجلس 1996 ومرّة في المجلس المبطل الأوّل. ولو كانوا محصّنين من الخداع السياسي فلِمَ تفاجأوا بتنصّل النوّاب «المصنّفين إصلاحيين» عن وعودهم الانتخابية، بل لِمَ اعتبروهم إصلاحيين أصلاً... «اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي