عرضتا ضمن منافسات المهرجان
«فانتين تحتضر» و«الصعاليك» رفعتا سقف المنافسة والتوقعات في «أيام المسرح للشباب 14»!
ارتفع سقف المنافسة ضمن مهرجان «أيام المسرح للشباب 14»، بعد تقديم مسرحيتين خلال اليومين الماضيين فوق خشبة مسرح «حمد الرجيب» في المعهد العالي للفنون المسرحية. ففيما حملت الأولى عنوان «فانتين تحتضر» من تأليف وإخراج داود يحيى أشكناني لفرقة «المسرح الشعبي»، أتت الثانية بعنوان «الصعاليك» من تأليف مصعب السالم وإخراج هيا السعيد لشركة «ستارز».
مثال الشر
في ما يتعلق بـ «فانتين تحتضر»، فالعمل مقتبس عن رواية «البؤساء» لفيكتور هوغو، وأيضاً عن مسرحية «فاوست» ليوهان غوته، إذ دارت فكرته بصورة مختصرة بأن الشر قد يتلبس أي إنسان ومهما كان منصبه، وبالتالي يجعل منه شخصاً سيئاً في حياته وتعامله مع الآخرين، ونرى ذلك في شخصية فاوست التي جعل منها المخرج مثالاً للشر الذي يتنقل من شخصية لأخرى، فجميعها تحمل الاسم ذاته لكن بمختلف المناصب.
تتناول القصة شخصية فانتين، الخياطة التي تبحث عن عمل محاولة إخفاء حقيقة أن لديها ابنة غير شرعية تدعى كوزيت، لأنه في ذلك الزمن لا يوجد أحد يوظف أماً لديها طفل، وعندما تجد واحداً في أحد المشاغل عند العمدة ينكشف أمرها ويتم طردها في الشارع، لأن التستر على الفساد في الماضي مصيره أن ينكشف، وحينها تفقد ابنتها وتبدأ الأحداث بالتصاعد، عندما يتم استغلالها بذريعة الحفاظ على حياة ابنتها، ما يجعلها تضحي بنفسها وجمالها، إلى أن يشعر العمدة بتأنيب الضمير جراء ما قام به ويحاول مساعدتها وتخلصيها من يد المفتش فاوست، لكن في النهاية تموت فانتين من دون أن ترى ابنتها.
المخرج استطاع تقديم رؤيته الخاصة بأسلوب متماسك، أداره باحترافيه فوق خشبة المسرح، إذ كان في النص عمق ورسالة، وساعده في ذلك أداء الممثلين المتمكن على صعيد لغة الجسد والحوار، إلى جانب السينوغرافيا من الديكور والإضاءة والمكياج والموسيقى والموثرات الصوتية، التي لم تكن مقحمة بتاتاً.
نهاية حتمية
وبالانتقال إلى «الصعاليك»، تدور القصة حول مجموعة صعاليك يعيشون في مزبلة بعيدة عن العالم الخارجي، يحاولون التأقلم مع المكان والوضع بشتى الطرق، لذلك يولّون زعيماً ضعيف الشخصية، والذي يعيّن بدوره بعض المساعدين والمستشارين الذين يقودونه لاتخاذ القرارات المصيرية لأهل المزبلة. ومع مرور الأحداث، يقوم الزعيم بمفاجأة، وبسببها يتبيّن مدى فساد البطانة التي تسعى إلى مصالحها الشخصية واستغلال مكانة الزعيم وسذاجته لمصلحتها حتى تنتهي به الحال نهاية حتمية.
غلبت على أجواء المسرحية المواقف الكوميدية مع التنوع في الكاركترات التي صاغها السالم ببراعة. كما كان واضحاً التميز في السينوغرافيا والتفاصيل الجميلة والانسجام الواضح متمثلاً بأزياء حصة العباد وإضاءة فاضل النصار وديكور خالد العلي مع رؤية المخرجة هيا السعيد التي تجلّت على الخشبة بشكل جميل من خلال استغلال الفضاء المسرحي وعناصر العرض كاملة، بما فيها المجاميع والممثلين بشكل مدروس يُحسب لها، فأثبتت فعلاً جدارتها ورؤيتها، التي تمهد لها طريق النجاح.
يشار إلى أن المسرحية من بطولة مصعب السالم، محمد الرقادي، نوح الحسني، شهد خسروه، عبدالرحمن التويتان، أسرار الدوسري، جهاد البلوشي، حمد الكندري، حمود الصلال، محمد الحجي، حمدان السيابي، علي الحديدي، منيرة قوشتي وأمل قوشتي.
«كولاج» وولادة
أعقب العرضان ندوتان تطبيقيتان أدارتهما المذيعة إسراء جوهر.
الندوة الأولى، حضرها المخرج والمؤلف داود أشكناني، ورأت فيها الكاتبة فلول الفيلكاوي أن «النص لا يُعتبر تأليفاً، وعند أخذ الشخصية كما هي فهذا يعتبر (كولاج) ويحتاج إلى تأليف، لذلك تمنيت ألا ينسب أشكناني التأليف إليه، لأن الفنون الكتابية لها حق أدبي. وعلى صعيد التمثيل فأشيد به كوني رأيت طاقات تمثيلية رائعة».
من جانبه، علق الدكتور أيمن الخشاب، قائلاً: «قضية التأليف والإعداد والكولاج وغيرها تحتاج ندوة يحضرها المعنيون، ويجب ألا نقول في التعقيب إن هذا النص تأليف أم لا، وأعتبر هذه المسرحية تأليفاً كاملاً، ويجب عدم إطلاق الأحكام إلا بعد دراسة».
بدوره، لفت المخرج حسين المفيدي الذي أشاد بالمخرج أشكناني، إلى أن «اللجنة المنظمة للمهرجان طلبت من إدارة المسرح الشعبي تغيير كلمة إعداد إلى تأليف».
وختاماً، تقدم أشكناني بالشكر لكل من حضر العرض وشارك في النقد، مشيراً إلى أنه أخذ جميع الملاحظات وسيعمل عليها مستقبلاً.
وفي الندوة الخاصة بمسرحية «الصعاليك»، بحضور المخرجة هيا السعيد والمؤلف مصعب السالم، انتقدت الناقدة ليلى أحمد «استخدام أسماء غير عربية لأبطال العمل، كأننا لا نمتلك صعاليك في بيئتنا العربية»، معتبرة أن «النص يجب أن يكون ابن بيئته، إلا إذا كان هناك داعٍ لغير ذلك». وفي الوقت ذاته أشارت إلى أن «اليوم يشهد ميلاد مخرجة مسرحية كويتية تتميز بالقوة والسيطرة على العمل».
وفي النهاية، شكر كل من السعيد والسالم كل من عقّب وأبدى برأيه ونقده، واعدين أخذ الملاحظات بعين الاعتبار في الأعمال المقبلة لتقديم عروض أفضل.