قيم ومبادئ

الأجيال القادمة في علم الغيب

تصغير
تكبير

إذا كان صندوق الأجيال القادمة يستثمر في 230 ألف شركة عالمية في نطاق جغرافي واسع، ويشمل 125 اقتصاداً ما بين أسواق عالمية وناشئة وذلك من خلال سياسة أداء متمثلة في إدارة 30 في المئة من الاستثمارات عبر الإدارة المباشرة من مكتب الاستثمار، بينما نسبة

الـ 70 في المئة تتم بصورة غير مباشرة عبر مديري الاستثمار الخارجيين، وهؤلاء لا يمكن الاعتماد عليهم كلياً، حيث وُجدت سوابق لا نود تكرارها لمعطيات عدة... خصوصاً إذا علمنا حجم الأصول الذي فاق الـ 700 مليار دولار!

وإذا كانت استراتيجية إدارة الاحتياطات المالية للكويت تستهدف توفير إيرادات بديلة عن عائدات النفط، كل ذلك من أجل تلافي المخاطر العالمية والجوائح الطبيعية!

والسؤال المطروح هذه الإيرادات البديلة عن عائدات النفط ألا تحتاج إلى تشغيل وإلى برامج وإلى كوادر وطنية فنية عالية التدريب،

خصوصاً إذا هبت رياح التغيير وأصبح النفط جزءاً من التاريخ؟ نتمنى أن نسمع الإجابة من الهيئة العامة للاستثمار لأنها تعمل وفق تصورات واضحة لأهم المخاطر التي يمكن أن تقع في المستقبل، وتحديداً في ظل الرمال المتحركة السياسية والاقتصادية والأمنية، علما بأن الحكومة بكل ما تملك من مؤسسات وخبرات فشلت فشلاً ذريعاً في إنقاذ أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة وهم داخل حدود السور، على الرغم من أن تكلفة الإنقاذ قليلة لقلة العدد وقلة الأنشطة وبساطتها، فكيف إذا وقعت الطامة وزُلزلت الأرضُ كما أنه ثار الجدل حول تعديل نسبة الاقتطاع 15 ٪ من الإيرادات العامة للدولة التي تقطع سنوياً منذ 1976 لتضاف للصندوق، ثم قرّر مجلس الوزراء زيادة النسبة إلى 25 ٪ نتيجة زيادة أسعار النفط في 2012 وسرعان ما انخفض سعر النفط حيث تم الرجوع إلى النسبة السابقة وهي 15 ٪؟ وهكذا نجد التذبذب شأن الإنسان في تعامله مع علم الغيب لا يدري ما يصنع «ولو كنتُ أعلمُ الغيبَ لاستكثرتُ من الخير وما مسّني السوء...».

ولو علم هذا الجامع للمال أنه يجمع للوارث، وهذا الباني أنه يبني للخراب، وهذا الوالد أنه يلد للموت ما جمع الجامع ولا بنى الباني ولا ولد الولد!

سمعنا كثيراً عن إدارة المخاطر لكن إذا وقعت الواقعة تلاشت كل الدراسات وثبت نقص التدبير مع أن الإنسان ذلّل كل العقبات أمامه في هذا العالم، فشقّ الأنفاق في جوف الأرض، وصعد بالصاروخ إلى عنان السماء، وربط ما بين المشرق والمغرب بسكك الحديد، وانتقل بعقله وفلسفته إلى العالم العلوي فعاش في مدينته الفاضلة... ووضع المقاييس لمعرفة أبعاد النجوم... كما غاص في المحيطات فعرف أعماقها، وفحص تربتها، ونبش أسرارها فأزعج سكانها، وسلب كنوزها وجواهرها... كما نفذ من بين الآكام والآطام والأطلال إلى القرون الخالية فصوّر أصحابها وعرف كيف يعيشون، وأين يسكنون وما يأكلون ويشربون! كما تسرّب بعلم النفس إلى الحواس الباطنة فوقف على أجناس النفوس والأرواح وطبائعها... والعقول ومذاهبها واخترق بذكائه الاصطناعي كل حجاب وفتح كل باب لكنه سقط أمام باب الغد عاجزاً مقهوراً لا يجرؤ على فتحه، بل لا يجسر على قرعه لأنه سر الله، والله لا يُطلع على غيبه أحداً، وكل عاقل يدرك أن الايمان بالغيب لا يُنافي التوكل، وأن تمام التوكل اتخاذ الأسباب لكن لا نركن إليها ولا نطمئن عليها، بل نتوكل على مُسبب الأسباب وهو الله الذي تكفّل برزق أجيال البحر قبل النفط، «وما من دآبة في الأرض إلّا على الله رزقها ويعلمُ مُستقرّها ومُستودعها كل في كتاب مبين».

فلا تقلقوا على مستقبل الأجيال القادمة فهم بيد عزيز حميد ولله الحمد واترك ثرثرة السياسيين!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي