استشاريون يرسمون عبر «الراي» آليات بناء جديدة مقاومة للهزات الأرضية
وصفة تقنية لبيوت كويتية... لا تتزلزل!
مع تكرار حدوث الزلازل في المنطقة، وما خلفته من آثار مدمرة في بعض الدول، كان آخرها زلزال تركيا وسورية، اتجهت الأنظار إلى ضرورة اتخاذ تدابير وقائية تقلل من الآثار المدمرة للزلازل في حال حدوثها.
وفي هذا السياق، قدم عدد من الاستشاريين المعماريين وأعضاء المجلس البلدي والأكاديميين وصفة وقائية، عبر «الراي»، تتمثل في تطبيق كود الزلازل للمباني المزمع تشييدها في الكويت.
وذكروا أن «كود الزلازل مُطبّق في بعض دول الجوار، من بينها دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية»، لافتين إلى أنه «على الرغم من الكلفة الإضافية لهذا النوع من البناء، إلا أنه يحد من الكوارث التي تتعرض لها المباني التقليدية عند حدوث زلازل قوية».
وفيما أكدوا أن «الكويت لا تنقصها الكوادر الفنية المدربة، في ما يتعلق بأكواد البناء من المعماريين والمهندسين الانشائيين»، دعوا في الوقت ذاته إلى «الاستفادة من الأكواد العالمية المتوافرة بخصود الأبنية المقاومة للزلازل».
«لأن الكویت قریبة جداً من الصفيحة التكتونية العربیة»
علياء الفارسي: مطلوب... أنظمة مقاومة للنشاط الزلزالي
أيّدت عضو المجلس البلدي المهندسة علياء الفارسي وضع كود بناء خاص بالزلازل، لافتة إلى أن «الضوابط المرتبطة بالزلازل تنطبق على كل بنیان یقع في منطقة معرضة للزلازل».
وبيّنت الفارسي، وهي مهندسة متخصصة في الهندسة الإنشائية وحاصلة على ماجستير في هندسة النقل، في تصريح لـ«الراي»، أن «الدول المتقدمة التي تعتبر مساحتها كبيرة نسبياً تُطبّق كود البناء للزلازل في المناطق المعرضة لخطر الزلازل فقط»، موضحة أن «هده المناطق تحدد عن طريق بحوث جيولوجية».
وقالت: «قبل أن نسأل عما إذا كنا بحاجة إلى أنظمة لمقاومة الزلازل داخل أبنیتنا، یجب أن نسأل أنفسنا أولاً كیف تحدث الزلازل؟ وما إذا كنا في منطقة معرضة للنشاط الزلزالي؟»، مضيفة «الزلزال یحدث عندما تنزلق أو تلتقي صفیحتان تكتونیتان من الصفائح التي تشكل القشرة السفلیة للأرض، ويتسبب ذلك في إطلاق كميات هائلة من الطاقة والتي نفسرها على أنها زلازل».
وعن الوضع في الكويت، قالت الفارسي إن «موقع الكویت قریب جداً من حدود الصفيحة التكتونية العربیة، ما یعني أن أنظمة مقاومة النشاط الزلزالي مطلوبة في حالة الكوارث الطبيعية، بحيث تتم إضافتها لكود البناء بالتعاون مع الجهات المختصة، وفي الوقت ذاته یمكن تنفیذ أنظمة متعددة لمقاومة مثل هذه الأحمال».
وزادت «أحمال الزلازل بحكم تعريفها هي أحمال أفقیة، ویمكن مقاومة تلك الأحمال بطرق مختلفة، فطريقة 16-7 ASCE تقوم بعمل جید في ترجمة حجم الزلزال وتحويله إلى حمل على الهيكل، وبمجرد تحديد الحمل يمكننا بعد ذلك تحدید كیفیة مقاومته بطرق فنية عدة، من بينها (Base Isolated system) وهناك أنماط أخرى لكیفیة مقاومة الأحمال الجانبیة بشكل عام من بينها (hear walls، Moment frames، Diaphragms، and cross bracing)، وكل هذه الطرق معروفة على نطاق واسع وتستخدم من قبل المهندسين في جمیع أنحاء العالم».
«يمكن تطبيقه بإضافته ودمجه مع كود البناء المُطبّق حالياً»
عمر خطاب: كود الزلازل مهم جداً للمحافظة على الأرواح
أكد القائم بأعمال عميد كلية العمارة في جامعة الكويت الدكتورعمر خطاب، أن «كود البناء لمقاومة الزلازل، هو كود مهم جداً من أكواد البناء التي يمتد تأثيرها، ليس فقط للحفاظ على الاستثمار العقاري، بل للمحافظة على الأرواح والبيئة الحضرية والعمرانية»، مشدداً على أنه «ليس هناك شك في أهمية العمل على تطبيقه».
وبيّن خطاب، في تصريح لـ«الراي»، أن «أهمية هذا الكود تكون حسب موقع الدولة بالنسبة لأحزمة الزلازل القارية النشطة (مثال الحزام الناري في ساحل المحيط الهادي للقارة الأميركية، والحزام الألبي من قارة آسيا إلى المحيط الأطلسي، وحزام منتصف الأطلسي من شرق قارتي آسيا واستراليا)، وعلى الرغم من تأكيد المتخصصين في علم الزلازل أن الكويت تقع خارج الحزام الزلزالي النشط، ما يجعل تطبيق كود بناء خاص للزلازل على درجة منخفضة من الأولوية، إلا أن ذلك الاعتقاد قد يتغيّر عندما نرى مقدار الدمار والخراب الكارثي الذي تحدثه الزلازل عند وقوعها، ما يجعلنا نعيد التفكير مرة أخرى في درجة أولوية فرض كود بناء خاص لمقاومة الزلازل، وأن ترتفع أهمية فرض ذلك الكود وتطبيقه إلى مستوى عالٍ من الضرورة».
وفي ما يتعلق بآلية تطبيق هذا الكود في الكويت، قال خطاب: «تصوري أن يبدأ بالمباني المتوسطة وعالية الارتفاع كالأبراج الإدارية والسكنية التي تكون أكثر عرضة للتأثر حال وقوع زلازل، ثم يعمم ذلك على جميع أنواع المباني التجارية والسكنية»، مشدداً على أن «الكويت لا تنقصها الكوادر الفنية المدربة في ما يتعلق بأكواد البناء من المعماريين والمهندسين الإنشائيين، ولكن يفضل أن تكون هناك استفادة من الأكواد العالمية المتوافرة بخصوص الأبنية المقاومة للزلازل، التي تطبق بالفعل في بعض المباني في بعض دول مجلس التعاون مثل دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية».
ورأى خطاب أنه «يمكن تطبيق كود الأبنية المقاومة للزلازل في الكويت، من خلال إضافته ودمجه مع كود البناء المطبق حالياً. ولكن هذا الكود يتدرج في شدته من المناطق المعرضة لزلازل خفيفة إلى المناطق المعرضة لزلازل شديدة ومدمرة وبنسب مؤكدة الحدوث، ولذا من الأهمية بمكان البدء على الفور في دراسة جدية لتطبيق كود البناء المقاوم للزلازل في دولة الكويت».
إسماعيل بهبهاني: إجراءات استباقية بأبنية مُضادة
قال عضو المجلس البلدي المهندس إسماعيل حيدر بهبهاني لـ«الراي»، إنه «لابد من مواكبة التغيرات التي تحدث، خصوصاً في ظل تكرار الهزات الأرضية أخيراً، وكذلك ما يحدث بالمنطقة حولنا»، مشدداً على «ضرورة اتخاذ الإجراءات الاستباقية بأن يكون البناء مضاداً للزلازل، مع الأخذ في الحسبان معايير الأمان بخصوص الزلازل عند التصميم والتنفيذ».
عبداللطيف الدعي: تحديث الدراسات أولاً لتحديد ما نحتاجه
رأى عضو المجلس البلدي المهندس عبداللطيف عبدالله الدعي، أنه «لابد في البداية أن نعرف مدى حاجتنا لكود الزلازل، لأنه حسب التصنيفات المتداولة لا تعتبر الكويت من الأماكن المعرضة للزلازل، وبالتالي قبل الشروع في عمل كود الزلازل، لابد من تحديث هذه الدراسات للتأكد من حاجتنا لهذا الكود ومدى تغير الظروف الجغرافية».
وقال الدعي لـ «الراي» إنه «في حال تطبيق كود الزلازل، لا شك أنه سيكون هناك كلفة إضافية، وكلما زادت عوامل الأمان سترتفع التكلفة أكثر وأكثر»، مشيراً إلى أنه «في حال ثبوت الحاجة لهذا الكود فإنه يجب التركيز على الأماكن الأكثر خطورة مثل الأبراج العالية، والأماكن التي تحتوي أعداداً هائلة مثل المجمعات التجارية والمباني الحكومية ثم ننتقل بالتدريج للمنازل».
الأساس هو... الأساس
يلعب أساس البناء دوراً رئيساً في درجة مقاومة المباني للزلازل، فإذا كان الأساس ضحلاً جداً، فسيكون الهيكل أقل قدرة على تحمل الاهتزاز وسينهار سريعاً، لذا يجب بناء الأساس على تربة صلبة للحفاظ على الهيكل الذي يستقرّ بشكل موحد تحت التحميل الرأسي بالوضع الطبيعي، والتحميل الجانبي الذي ينتج عن الزلازل.
مرونة المباني
تعد المرونة من الأمور الضرورية في التصميمات المقاومة للزلازل، ويتعلق ذلك بقدرة المبنى على الانحناء من دون انهيار داخل الهيكل. ويُمكن للمبنى المرن أن ينحني وينثني عند تَعرُّضه لقوى القص الأفقية أو الرأسية التي يسببها الزلزال.
خسارة 4 مليارات سنوياً لتأخر كود الزلازل
خلصت دراسة أميركية إلى أن إصلاح المباني بعد الزلزال يكلف أربعة أضعاف تكلفة بنائها بقوة أكبر في المقام الأول. ووفقاً لهذه الدراسة، فإن الولايات المتحدة تخسر ما يقدر بنحو 4 مليارات دولار عن كل عام تؤخر فيه قانون بناء أقوى للزلازل.
مبانٍ تتحمل أكثر من 7 درجات
من المباني الشهيرة حول العالم المبنية بطريقة تتحمل هزة تتجاوز 7 درجات، مبنى الكابيتول في ولاية يوتاه الأميركية، حيث صُمم لتحمل ما يصل إلى زلزال بقوة 7.3 درجة على مقياس ريختر.
3 مواصفات للمباني المقاومة للزلازل
1 - أن يكون المبنى مصمماً بشكل يحافظ على توازنه من الداخل والخارج، وغالباً ما يتم اللجوء إلى التخطيط الأفقي للعمران لأجل تحقيق هذه الغاية.
2 - أن تكون تُربة البناء مُختارة بناء على تقرير دراسة التربة الذي يُبيّن مدى أهليتها للبناء من عدمها، ويقترح إيجاد حلول لمشاكل البناء على التربة. وفي هذا الصدد ولأجل بناءٍ مقاوم للزلازل يجب أن يكون نوع التربة صلباً، وتستبعد التربة الهشة والرملية، حيث تُساهم متانة الأرض بشكل واضح في الحد من ارتجاج البناء وقت حدوث الزلازل.
3 - أن تكون المباني وحدة مُتماسكة لا تتفكك بالزلازل، بفضل قوة مفاصل البناء وقدرتها على امتصاص الضغط الزلزالي، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى التخفيف من أضرار الصدمات الزلزالية.