No Script

أما بعد...

بين الديموقراطية التمثيلية والمباشرة

تصغير
تكبير

هل يحق لمن يسميهم الكثيرون، تتفق أو لا تتفق، بـ «الجهلة» أن يشاركوا في الانتخابات وتقرير المصير العام للمجتمع، حتى وإن أدت خياراتهم الانتخابية اللاواعية إلى الإضرار بالدولة والمجتمع؟ هل الديموقراطية حق للجميع، واعين أو جهلة، أم أنها امتياز للواعين فقط؟ وكيف يمكن تحديد الخط الفاصل بين الوعي والجهل؟

هذه الأسئلة وسواها واجهت أقدم ديموقراطية لدينا معرفة تاريخية جيدة بخصوصها وهي ديموقراطية أثينا القديمة في خلال القرنين الرابع والخامس قبل الميلاد.

بعض ما جعل أسئلة المعرفة والاستحقاق الديموقراطي للأفراد أكثر إلحاحاً في مجتمعات أثينا القديمة هو نمط النظام الديموقراطي نفسه، إذ كانت ديموقراطية أثينا مباشرة وليست تمثيلية كمعظم ديموقراطيات عصرنا الحالي.

ما الفرق بين الديموقراطية التمثيلية والديموقراطية المباشرة؟

الفارق بين الديموقراطية التمثيلية والمباشرة هو أن الأولى تقوم على انتخاب الجمهور الذي يحق له التصويت لممثلين عنه يتولون باسمه تشريع القوانين والقرارات، ومتابعة تنفيذ القوانين وحق محاسبة الحكومة في حال تقصيرها، أي أن الجمهور، في الديموقراطية التمثيلية، يفوض عبر الانتخاب الدوري مجموعة صغيرة من الساسة (هم أعضاء البرلمان عادة) كي تقوم بهذه المهام نيابة عنه.

أما في الديموقراطية المباشرة، فلا يوجد تفويض انتخابي تُمنح عبره أقليةٌ سلطاتِ التشريع واتخاذ القرارات وتنفيذها (إلا في حالات محدودة جداً وطارئة كأوقات الحروب وغيرها من التحديات الاستثنائية التي تتطلب اتخاذ إجراءات سريعة) وإنما يقوم المواطنون المخولون بالانتخاب بالتصويت مباشرةً على القوانين والقرارات والإجراءات المهمة. وهو ما يعرف باسم «الاستفتاء العام».

في ظل هذا النظام الأقرب للروح الحقيقية للديموقراطية وأعني نظام الديموقراطية المباشرة والذي يُمارس جزئياً اليوم في مناطق كثيرة في العالم، يذهب المواطنون لصناديق الاقتراع بضع مرات في العام للتصويت على القضايا ذات الأهمية للمجتمع.

تتطلب الديموقراطية المباشرة لنجاحها قدراً كبيراً من الوعي من جانب الناخبين للتصويت الصائب على أساس معايير المصلحة العامة، بعكس الديموقراطية التمثيلية التي يُحال فيها عموماً تقدير المصلحة العامة إلى المُنتَخبين وليس الناخبين.

بسبب هذا، يزداد في الديموقراطية التمثيلية فساد التصويت الانتخابي والتضليل السياسي من خلال عمليات شراء الذمم وإغراء الناخبين الأقل وعياً والأكثر حاجة بانتخاب الأشخاص الخطأ خلافاً للمصلحة العامة المرجوة. ونتاج فساد التصويت هذا نابع من اعتماد الديموقراطية التمثيلية على التفويض الانتخابي لأقلية من الأشخاص كي يمثلوا المجتمع بدلاً من التصويت على القوانين والقرارات من دون وساطة الممثلين الانتخابيين كما في حال الديموقراطية المباشرة.

Twitter: @Fahad_aljabri

Email: Al-jbri@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي