No Script

رؤية ورأي

إشكالية قوائم الجامعات الموصى بها

تصغير
تكبير

كتبت العديد من المقالات في شأن تطوير الجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم. وكان من بين القضايا التي تبنّيتها وطرحتها في تلك المقالات فك التشابك في الاختصاصات بين الجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي وبين مجلس الجامعات الخاصة، حيث إن اختصاصاتهما تتقاطع عند تحديد متطلبات الاعتماد الأكاديمي للجامعات الخاصة، واعتماد برامجها ومراجعة أدائها وتقييم جودتها. وهذا التشابك أزاله مجلس الوزراء قبل قرابة شهر، بقرار منح تلك الاختصاصات للجهاز الوطني منفرداً.

رغم أهميّة هذا القرار، الطفرة المنهجية المتّسقة مع الرأي العلمي ورأي إدارة الفتوى والتشريع، إلا أن الجهاز الوطني ما زال بعيداً عن تحقيق كامل الهدف من إنشائه، وهو ضبط جودة جناحي التعليم العالي: الجناح الداخلي من خلال تحسين مستوى برامج مؤسسات التعليم العالي في دولة الكويت، والجناح الخارجي عبر تحديـد مؤسسـات التعليـم العالـي الخارجية التي يسمح اعتماد مؤهلات خريجيها. المراد أن الخطوات التنموية المستحقة متعدّدة، ولكنّني سأكتفي هنا بالإشارة إلى خطوتين: الأولى متعلّقة بالجناحين الداخلي والخارجي، والثانية مرتبطة بالجناح الخارجي فقط.

بالنسبة للأولى، الجهاز الوطني مدعو إلى تصنيف مؤسّسـات التعليـم العالـي المحلّيّة والخارجية – الموصى بها – إلى فئات عدّة حسب مستوى جودة التعليم فيها، بين الفئة الأدنى «المقبولة» وبين الفئة الأعلى «المتميّزة». وبالتزامن، ديوان الخدمة المدنية مدعو إلى استحداث «فئة الجامعة المانحة للشهادة» كأحد معايير المفاضلة بين المتقدّمين للتوظيف، وأحد معايير المفاضلة بين المترشحين لشغل المناصب الإشرافية.

وبالنسبة للخطوة التنموية الثانية، الجهاز الوطني مطالب بتعجيل إجراءات تحديث واستكمال قوائم الجامعات الخارجية العربية والأجنبية الموصى بها. فمن الغريب أن تخلو قائمة الجامعات العربية الموصى بها من جامعات الجار العراقي رغم أن القائمة تشمل جامعة صنعاء – اليمنية – بمختلف كليّاتها ولجميع الشهادات العلمية التي تمنحها، من البكالوريوس إلى الدكتوراه.

ومن الغريب أيضاً خلو قائمة الجامعات الأجنبية الموصى بها من جامعات الجار الإيراني، بالرغم من مرور ما يقارب العقد من الزمن على إنشاء الجهاز الوطني، ورغم تفوّق العديد من الجامعات الإيرانية في العلوم الطبّية والتكنولوجية. فعلى سبيل المثال، وفق النسخة الأحدث (إصدار 2023) من قائمة تايمز للتعليم العالي لتصنيف الجامعات في العالم، لدى إيران ثلاث جامعات للعلوم الطبّية ترتيبها على مستوى العالم في المدى (351 – 400)، أي أنها أفضل من ترتيب الجامعتين التركيتين – غير المختصّتين بالعلوم الطبيّة – الموصى بهما من قِبل الجهاز الوطني لدراسة الطب البشري. كما أن لدى إيران خمس جامعات للعلوم الطبّية ترتيبها في المدى (401 – 500).

وبغرض توضيح مستوى تلك الجامعات الإيرانية، تجدر الإشارة إلى أن ترتيب جامعة الكويت في المدى (801 – 1000). ومن أجل بيان حجم الخلل، تنبغي الإشارة إلى أن قائمة الجامعات العربية الموصى بها تتضمن جامعات غير مدرجة في قائمة تايمز للتعليم العالي.

بغض النظر عن السياستين الحالية والمنظورة لوزارة التعليم العالي في شأن إيفاد طلبة إلى الجامعات الإيرانية، يفترض أن يستكمل الجهاز الوطني قوائم الجامعات الموصى بها لتشتمل كل أو جل الجامعات الجيّدة في العالم، ولو في قوائم منفصلة عن تلك المخصّصة للابتعاث.

فوفق مرسوم إنشائه، هدف الجهاز الوطني غير مقتصر على تحديد جهات ابتعاث أو دراسة الطلبة الكويتيين، فهو أوسع من ذلك بكثير، وهو مرجع الجهات الحكومية في تقييم الجامعات الخارجية، سواء كان هذا التقييم بغرض اعتماد شهادات خريجيها المتقدّمين للتوظيف، أو لأي غرض آخر، كأن يكون أحد الشروط التي يجب التحقق من توافرها لدى المحكمين العلميين لطلبات تمويل مشاريع أبحاث علمية... «اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي