No Script

كلمة صدق

بين زهور 1973 ومقذوفات 2023

تصغير
تكبير

قبل نصف قرن ذهبت مع أبي وإخواني والعم ناشي وعياله، وقد كنا اطفالاً في مساء فبراير وعليل نسيمه إلى الشارع المخصص للعرض، نجول حول عربات طويلة ملحفة بأغطية بيضاء تخفي تحتها مفاجآت الكرنفال الخاص بيوم العيد الوطني.

وفي صباح يوم العيد الوطني 25 فبراير، وكما في كل عام يخرج الناس ويصطفون باحترام وانتظام على جنبي الشارع وهم بعشرات الآلاف ليشاهدوا العربات التي كانت مستورة بالأمس، وهي تسير في شارع العرض، وقد كشفت عن زينتها بما تمثله من أنشطة لوزارات وهيئات الدولة المختلفة من وزارة كهرباء وماء ووزارة اشغال، ومجسمات على عربات تمثل الخطوط الجوية وأخرى تخص الموانئ وغيرها.

مركبات تمثل عبر لوحات وعروض الجهة التي تمثلها، وما زال مطبوعاً في مخيلتي صور الفتيات الصغيرات على ظهر هذه العربات وقد ازدانن بلباس العرائس البيضاء وهن يقذفن الجمهور المتفرج بالورود الحمراء.

كيف، وبعد نصف قرن يتحول أبناء من كن يقذفن الزهور على الجمهور إلى قاذفين للبالونات المعبئة بالماء، قنابل مائية على الناس، على كل من يمر في الشارع، أو من هو في حال سبيله، بالإضافة إلى رشاشات الماء والفوم وكل مظهر من مظاهر الفوضى المغلفة باسم احتفال.

مساكين هؤلاء الأطفال المخدوعين وبعض الشبان والشابات الذين اصبحت لديهم قناعة ان التراشق بالماء وغيره من مواد واتلاف الشوارع بالمخلفات تحت أعين الشرطة هي أقصى حالات التعبير عن الوطنية.

من المؤسف أنه بعد نصف قرن يتحول المهرجان من مسيرات منظمة جميلة شبيهة بالدول المتطورة، إلى تراشق بالماء وغيره في صورة تعكس حالة من الفوضى المقننة، ورفعاً للقلم والمحاسبة في يوم العيد الوطني وعيد التحرير. من المؤسف حقاً أن تمسح هذه الصورة الفوضوية للاحتفال الصور الجميلة العالقة في الأذهان عن احتفالات بنات الزهور في فترة السبعينات.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي