No Script

أبعاد السطور

أوكرانيا... عام على الحرب

تصغير
تكبير

في هذا اليوم 24/ 4/ 2023، يكون قد مضى عام كامل على العدوان الروسي في اجتياح المدن الأوكرانية عسكرياً وقتل ساكنيها بوحشية كبيرة، وتدمير كل الأشياء الجميلة هناك دون استثناء.

في الحقيقة أن عقل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، متشرب بشدة لمنهج التوسع العرقي والجغرافي، وتمدد الإمبراطورية الروسية القيصرية لكل بقعة أرض يرى أن الهيمنة عليها سهلة، والدليل على ذلك العديد من التصريحات التي نطق بها بوتين بلسانه في الكثير من المناسبات واللقاءات المسجلة المختلفة التي لاتزال موجودة في الأرشيف.

خصوصاً إن وجدت تلك الأفكار التوسعية عند الرئيس بوتين آراء أخرى فلسفية ودينية وسياسية تؤيدها وتشجعها، وأفضل نموذج لتلك الآراء العدوانية الجشعة التي تؤيد فكر بوتين هي ما كتبه ونشره وتحدث به عبر الكُتب والمقالات واللقاءات الشخص المُلقب بعقل بوتين، وأيضاً الملقب بالأب الروحي لبوتين، المسمى إلكسندر دوغين، أحد أهم وأقرب المستشارين عند الرئيس بوتين.

وبالمناسبة، تذكرت كلاماً للرئيس بوتين يطابق 100 في المئة كلاماً للرئيس العراقي المشنوق صدام حسين، حيث إن بوتين يقول إن أوكرانيا جزء من روسيا، وانه من حقهم كروس أن يقوموا بإرجاع أرضهم، وكذلك صدام حسين فقد سبق بوتين في هذا الهراء عندما برر بغباء احتلاله للكويت بأنها جزء من الأراضي العراقية و«لابد للفرع أن يعود للأصل»!

في يوم الثلاثاء 21/ 2/ 2024 أي قبل ثلاثة أيام، ألقى الرئيس بوتين خطاباً كان مدته 100 دقيقة، أي ساعة و40 دقيقة متواصلة دون توقف! والخطابات الطويلة التي يهذر بها الزعماء هي في معظم الأحيان تأتي بلا فائدة وبلا جدية، فقط من أجل تسجيل الحضور، والخطابات الطويلة هي صفة ملازمة للزعماء الطغاة، والزعماء الذين يبيعون الوهم لشعوبهم عبر الحماس الزائف وجوع الهتافات والتصفيق، وذلك النوع من الخطابات امتاز به بعض زعماء الجمهوريات العربية في فترة الخمسينيات والستينيات والسبعينيات، وبعض زعماء دول أميركا اللاتينية.

بالعودة لخطاب بوتين سابق الذِكر، فقد جاء كما عودنا عليه بوتين في تبريراته المتكررة الكاذبة في الأسباب التي دعته لاحتلال الأراضي الأوكرانية وقتل الآلاف من الشعب الأوكراني، وأيضاً كرر بوتين من أنه حامي الأجيال والفضيلة الدينية الروسية من سلوكيات وحِيل الغرب في نشر انتكاس فطرتهم، وأن نشر الفساد الخُلقي بين الروس هو الأمر الذي دفع الغرب لمساعدة أوكرانيا في الحرب من أجل أن يمرروا خبثهم للشعب الروسي من مقربة، واكتفى بوتين في خطابه في قوله إن روسيا لن تُهزم في حربها الدائرة الآن في أوكرانيا.

ومن الجانب الآخر، فقد كان لرئيس الولايات المتحدة الأميركية جو بايدن، خطاباً في يوم الثلاثاء 21/ 2/ 2024، ألقاه في العاصمة البولندية وارسو التي حل بها مساء الاثنين بعد زيارة مفاجئة للعاصمة الأوكرانية كييف، والتي أراد بها جو بايدن أن يقول أولاً للروس، وثانياً للعالم بأن أميركا حاضرة وتشارك أوكرانيا في حربها مع روسيا منذ بداية العدوان الروسي.

ولقد قال جو بايدن في خطابه من وارسو بأن «موسكو لن تنتصر في حربها ضد أوكرانيا وأن بوتين عندما أمر قواته باجتياح كييف قبل عام كان يظن أننا سنقف مكتوفي الأيدي لكنه أساء التقدير». وأن حلف الناتو لن يتوقف عن دعم أوكرانيا، وأكد على الدعم الأميركي للجناح الشرقي في حلف شمال الأطلسي.

ومن روائع ما قد أذكره في هذا المقال في ما يخص أوضاع الحرب الروسية على أوكرانيا هذه الأيام، بأن قائد ميليشيات فاغنر العسكرية الموالية لموسكو، يفغيني بريغوجين، انتشر له مقطعاً صوتياً خطيراً ومهماً جداً، من خلاله كان غاضباً ومنزعجاً بشدة من عدم قدرته على التقدم عسكرياً وتحقيق أي انتصار حاسم في المعارك التي يديرها في مدينة باخموت الإستراتيجية ومركز المعارك الدائرة حالياً في شرق أوكرانيا.

وأرجع سبب ذلك يفغيني بريغوجين، متهماً وزير الدفاع ورئيس الأركان الروسيين بمحاولة تدمير ميليشيات فاغنر، وحرمان مقاتليها في أوكرانيا من الذخيرة ومن عدم مساندة الطيران الروسي لميليشياته عبر تقديم الغطاء الجوي لها لمواصلة التقدم في المعارك التي تخوضها.

ولقد قال يفغيني بريغوجين في المقطع الصوتي: «أعتقد أننا كنا سيطرنا على باخموت لولا تلك البيروقراطية العسكرية الرهيبة، ولو لم يكونوا يضعون عقبات في طريقنا كل يوم». وذكر أن عدم تمكن مجموعته بعد الآن من تجنيد سجناء لإرسالهم على الجبهات بسبب إصدار عفو في حقهم من السُلطات الروسية، الأمر الذي يستنزف عدد المقاتلين في ميليشياته. وقال أيضاً إن في مقبل الأيام سيأتي وقت يتراجع فيه عدد وحدات فاغنر القتالية، وبالتالي سوف يتراجع حجم المهام التي تود ميليشيات فاغنر القيام بها.

وهذا الكلام من قائد ميليشيات فاغنر التي تقوم بخوض معظم المعارك الآن في شرق أوكرانيا، يعني أن التقدم العسكري الروسي الذي لاحظناه في الشهرين السابقين سوف يتراجع مؤشره بسرعة وينحدر نحو الوحل، خصوصاً في ظل الدعم العسكري الكبير والنوعي للجيش الأوكراني من قِبل الولايات المتحدة الأميركية وبقية دول حلف الناتو، الأمر الذي يعني تدهوّر حال العمليات العسكرية الأرضية الروسية بشكل كبير جداً.

في نهاية المقال، للحق قوة يطلي بها أرواح المظلومين المقهورين حتى يصنع منهم مقاتلين وثائرين ومنصات حربية وإعلامية يدافعون صفاً واحداً ضد من ظلمهم وطغى عليهم، وكذلك هو حال الشعب الأوكراني مع الظالم الطاغية بوتين، وبإذن الله سوف ينتصر الشعب الأوكراني على من اجتاح بلاده واحتلها ظلماً وطغياناً.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي