No Script

خواطر صعلوك

«اشمعنى إحنا...»؟!

تصغير
تكبير

يمكن لنا أن نتجادل طويلاً حول سؤال من الذي سرق البلد؟ هل هم الكويتيون الأصليون، أم الكويتيون العاديون بعلاوتين وبدل إيجار أم البدون، أم المزدوجون والمزورون، أم الوافدون... وسوف نخوض في جدل عقيم، ونطلق النار والاتهامات على بعضنا البعض طوال اليوم دون أن نصل إلى أي مكان، ودون أن ننتبه أن الذي سرق البلد ليس أشخاصاً بقدر ما هي ثقافة، ودون أن ننتبه أيضاً أن سرقة مقدرات الوطن ليست أموالاً وصفقات وعمولات فقط، ولكنها أيضاً هدر لإمكاناته وعدم إنجاز العمل المطلوب منك حسب موقعك ومنصبك.

وفي ذلك يقول الإمام الأوزاعي - رحمة الله عليه - (إذا أراد الله بقوم شرا ألزمهم الجدل ومنعهم العمل).

ونتساءل هل يمكن الخروج من هذا الجدل عبر طرح سؤال من الذي سيبني الكويت؟ من الذي سيعمل؟ ومن الذي سيقوم بهذا الدور أو ذاك؟ ومن هو المسؤول عن ذلك؟ ومتى يمكن أن يتم؟ وعند هذه الأسئلة تحديداً نجد الغالبية أيضاً يجادلون بسؤال آخر قائلين «اشمعنى إحنا»؟! الوزير يقول للموظف «التزم بالدوام علشان تستحق راتبك»، الموظف يرد «اشمعنى أنت تأخذ راتباً استثنائياً»؟

اعتصامات فيها أشخاص مستاؤون لمحاربة ظاهرة الغش في المدارس... قائلين «اشمعنى عيالنا»... ومعتصمون في وزارة الأوقاف معترضون على ساعات العمل قائلين «اشمعنى إحنا»، وعند تطبيق القانون تظهر الاعتصامات في الكويت تحت عنوان «اشمعنى أنا... روحوا شفوا فلان وعلان...»!

وأحدهم يهدر مالاً عاماً، أو يضع يده في عقد أو مناقصة ليخرج بفلوس حرام وسحت قائلاً في نفسه «اشمعنى أنا اللي ما أبوق...»!

وربما عزيزي القارئ تعتقد أن الكلام الذي أقوله ليس كلاماً «علمياً»... هذا صحيح، ولكنك بالتأكيد تعلم أنه كلام «علمي علمك»، وليس فيه من التجني على أحد، فنحن كل يوم في الكويت نسمع «اشمعنى إحنا»؟!

النتيجة يا سادة يا كبراء زادكم الله للحق قضاءً، وللشكر أداءً، أن البلد حكومة وشعباً سيتوقف به الزمن -أكثر مما هو عليه- وسنظل نردد «شوفوا السعودية... شوفوا الإمارات... شوفوا قطر... اشمعنى إحنا»؟!

وندور في دائرة مغلقة، كلما صعدنا بالصخرة الكبيرة فيها إلى أعلى الجبل، سقطت إلى الأسفل وهي تردد «اشمعنى أنا»؟!

إن أسوأ ما قد يُصيب أي وطن، هو أن تنعقد «لجان» في أدمغة مواطنيه لمحاربة الفساد، وربما تضع اللجنة الدماغية مواصفات قياسية لمحاربة الفساد... ولكن وقت العمل والجد، لا تخرج اللجنة خارج إطار الكلام، وكله كلام في كلام، فوقه كلام وتحته كلام!

إن هذا المقال ليس مقالاً وعظياً في الوطنية والمواطنة، فقد قيل الكثير في هذا الاتجاه، حتى ملَّ الواعظ ووهَنَ الموعوظ، ولكنه إجابة طويلة نوعاً ما لمحاولة الإجابة عن السؤال المطروح «من سرق الكويت»؟ ومحاولة إيجاد سؤال بديل نقول فيه «من الذي سيبنيها؟ ومن الذي يملؤها عدلاً بعدما ملئت جوراً؟ وعندها ربما تكون الإجابة أكثر نفعاً»... وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.

اقتباس:

- تكمن الأزمة في أن القديم يحتضر والجديد لم يُولد بعد، وفي ظل هذا الفراغ تظهر أعراض مرضية غاية في التنوع.

*أنطونيو غرامشي.

moh1alatwan@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي