No Script

كلمة صدق

الإغراءات المضللة !

تصغير
تكبير

«حتى لو لم تبع شيئاً، انفخ في بوقك». الصحافي الأميركي هنري لويس منكن.

بعض إعلانات عمليات التجميل التي ملأت الشوارع، تظهر وكأن الشعب مشوه وينتظر من يحسن بديع خلق الله فيه!

هذه الإعلانات تمس صحة الإنسان البدنية والنفسية ووضعه الاجتماعي، وهي ليست موجهة دائماً لأشخاص يواجهون التشوهات الطبيعية، أو التي تسببت بها حوادث أو حروق.

وتتبع هذه الإعلانات أسلوب إدوارد بيرنيز، بالدعاية، وهو محاكاة رغبة الإنسان بالدعاية وليس محاكاة حاجته، بالسابق في الإعلان عن مكيف هواء، صورة لشخص يجلس تحت مكيف التبريد والثلوج تتساقط عليه، قد تبدو صورة تشبيه برودة المكيف بتساقط الثلوج مبالغاً فيها، لكنها دعاية مقبولة فهي تحاكي حاجة الإنسان بالصيف الحار إلى وسيلة تبريد. أما أسلوب بيرنيز، فهو مداعبة رغبة الإنسان وليس حاجته، وهو أسلوب دعائي مخادع، يستغل رغبات الإنسان.

في عام 1929 اشتكت شركات التبغ في الولايات المتحدة الأميركية لخبير الإعلام والدعاية إدوارد بيرنيز، بأن نصف المجتمع أي غالبية النساء يتجنبن التدخين، لأنه بنظرهن لا يناسب النساء وانوثتهن. فقام بيرنيز بدهائه باستشارة صديق خاله العالم فرويد، عما يعني نفسياً التدخين للنساء اللاتي يدخن، فأعطاه صديق خاله المشهور استشارة وهو أن التدخين يعني لهن الحرية والاستقلال.

قام بيرنيز، وجمع بعضاً قليلاً من النساء اللاتي يدخن السجائر ونادى وسائل الإعلام، ودعاها لتصوير الفتيات وبأيديهن السجائر، فتجد رجلاً جنتلمان ينحني تحت قدم امرأة ليشعل لها سيجارتها وقد وضعت رجلاً على رجل.

باليوم التالي نزل خبر هذا الحدث بالصحف تحت إعلان «شعلة الحرية»، وبعدها انتشر التدخين بين النساء انتشار النار في الهشيم.

الآن، هناك كثير من اللوحات الإعلانية على الأعمدة بالشوارع التي تمس صحة الإنسان وتدغدغ المشاعر، إعلانات دعائية تمس الصحة البدنية والنفسية للنساء، وقد تمس وضعهن الاجتماعي وتتسبب في حالات طلاق وخلافات بين الأزواج وبين الأبناء وأولياء الأمور.

هذه العمليات التجميلية لها جوانب قد تكون ضارة للإنسان، فيجب على هذه الإعلانات الدعائية أن تخضع للرقابة والفحص والتحذير أحياناً كما يتم التعامل مع إعلانات السجائر حالياً.

هناك في بعض المواقع الإلكترونية الطبية يوجد ضوابط مفترض أن ترافق الإعلانات التجميلية، مثل التنبيه للمراجع بخطر الوفاة، وخطر العدوى، أو النزيف، والمشاكل الأخرى التي قد تمس أعصاب الجسم أو الوجه في بعض الحالات.

وهناك ضوابط أخرى يجب تنبيه من يريد أن يخوض غمار العملية التجميلية بها وليس تضليله، منها تنبيهه إلى الهدف من اجراء التغيير في خلقته، وكيف سيكون شكله ومدى تقبله لذلك.

كذلك جلوس مختص نفسي أو اجتماعي مع المراجع قبل العملية وتنبيهه إلى الأثر النفسي والإجتماعي المحتمل عليه بعد العملية، واحتمالية تأثر علاقاته بالمحيطين به بعد العملية.

لا يمكن نكران أن هناك حالات تعاني وتحتاج لإجراء عمليات تجميلية لتشوهات معينة، لكن لا يجب أن يترك الحبل على الغارب للإعلانات التجارية المخادعة، فصحة الإنسان وسلامته البدنية والنفسية والاجتماعية، لا يفترض أن تكون موضع تضليله بغرض المتاجرة والاثراء.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي