أما بعد...

سكّة سد...

تصغير
تكبير

في انتخابات 2022، حرصت الحكومة على عدم التدخل في سير العملية الانتخابية، وكانت على حيادٍ تام، وكانت مسافتها واحدة من جميع المرشحين، بل وكانت بالمرصاد لكل العمليات التي من شأنها أن تؤثر على نزاهة الانتخابات. وفي يوم افتتاح أول جلسة من دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي السابع عشر حرصت الحكومة على عدم المشاركة في اختيار أعضاء مكتب المجلس وأعضاء اللجان، وتركت القاعة لنواب الأمة ليختاروا من يرونه مناسباً.

اما اليوم، فقد شهدنا تحوّلاً سريعاً ومفاجئاً من الجانب الحكومي فكيف لمثل هذه الحكومة ان تتراجع وتقاطع الجلسات وتصعّد من أجل قضية أثيرت من نائب في مجلس الأمة «الرواتب الاستثنائية»، ألم تكن الحكومة قادرة على الإيعاز للوزير بالرد المختصرعلى تلك القضية؟ وان وصل الأمر إلى الاستجواب، ألم يكن بمقدور الوزير الصعود على المنصة وتفنيد الاستجواب المقدّم إليه؟ بل لو ذهبنا إلى أبعد من هذا كله وقلنا كان بإمكان الوزير إعفاء نفسه بأن يستقيل (!) ما الداعي لأن تذهب الحكومة كاملة برئيسها إلى الاستقالة بسبب قضية لم ترق حتى إلى ان تكون سؤالاً برلمانياً؟

إن كنا نعيش اليوم أزمة فهذه القرارات اللامسؤولة من أشباه المسؤولين وغيرها هي من أزمت المرحلة، وهي من أحقنت الشارع بالشعور بالغبن والظلم والاعتقاد السائد في ذهنية المواطن البسيط، ان الدولة في تخبط وعاجزة عن رسم سيناريو سياسي منهجي يجاري المرحلة ويحتوي الأزمة ويحتضن الفكر والقول والفعل.

فعجز الدولة عن إدراك الأزمة أو حتى الاستشعار بوجودها هو الأزمة الحقيقية، واذرع الدولة تظهر مرتعشة مرتبكة أمام التعامل مع كثير من الملفات الداخلية الحساسة والعالقة، بحيث رأينا كثيراً من التصريحات المتناقضة في مواجهة عدد من المواقف المتعددة والمتكررة، وسياسة التخبط لا تُجدي أمام بروز حالة ردة فعل طبيعية على المشهد السياسي بشكل عام والمشهد البرلماني بشكل خاص، والأجدر قبل البحث عن أداة لوأد ردة فعل النوّاب وامتصاص غضب السياسيين البحث في مسببات هذه الحالة ولماذا نشأت وما ظروف ولادتها وتحليلها وتفكيكها كفكرة ضمن إطار المشهد ككل.

هذا ما يجعل الفشل حليف هذه الحكومات في كل مرة ويستدعي استقالات الحكومات دائماً وبتكليف أخرى لا تختلف عن الأولى إلا بتغيير بعض أسماء المكلفين، فيما السياسة نفسها.

وحالة القلق والتوتر التي يعيشها الشعب وشعوره ان البلد داخل في نفقٍ مظلم، ما يتطلب تحديد المهمة الرئيسية المطلوب تنفيذها من الحكومة القادمة. وبات في حكم المؤكد أنه مطلوب من الحكومة مواجهة الأزمة الاقتصادية والسياسية والتعليمية...الخ، وإعادة النظر بكل النهج السياسي المُتّبع. وإذا عجزت هذه الحكومة عن الانجاز فإن التغيير تحصيل حاصل، ولكن للأسف في مناخ فوضوي وعدم استقرار.

Twitter: @Fahad_aljabri

Email: Al-jbri@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي