أبعاد السطور

أفضل صديق لأوكرانيا

تصغير
تكبير

في آخر ثلاثة لقاءات مع الصديق السفير الأوكراني في الكويت، الدكتور ألكسندر بالانتوسا، كان يكرر عليّ هذه الجملة: «أنت أفضل صديق لأوكرانيا».

في الحقيقة، أنا سعيد بما وصفني به السفير بالانتوسا، لأن هذا الوصف فيه نوع من التقدير الرائع من صديق يعاني وطنه في الوقت الراهن من حرب ظالمة يُدمر بها الروس كل شيء جميل في بلاده، بما فيها قتل الشعب الأوكراني.

ليس هناك أجمل من الأقلام الشجاعة بالحق حينما تدخل في تحدٍ مع أهل الظلم والباطل، حينها فقط تزداد قيمتها المعنوية، وترتفع أسهمها الفكرية، وتشعل بالظلام مساحات شاسعة من النور الساطع، لأنها باختصار ممتدة في معانيها وعمقها تقاتل من أجل الحق، لذا، هي في معاركها أسرع وأشرس وأقوى من الصاروخ والطائرة والدبابة والمدفع.

نحن الكُتاب المحاربين للباطل أقلامنا سيوفنا، أي أن أقلامنا لن تكون مجرد أقلام عابرة يسيل من رؤوسها الحبر فقط دون أن تحدث تغييراً فكرياً واضحاً في رؤوس الناس، بل أقلامنا ستكون سيوفاً حادة مُهلكة لا ترحم، تهوي على الباطل فتمزقه لمليون قطعة متناثرة.

وبأقلامنا سنفتح للأمل مليون نافذة، وسنغرس للبهجة مليون ضحكة، وسنجعل الفراشات الملوّنة والعصافير الشادية ترفرف في صدور المنتظرين للنور والحرية.

«أنت أفضل صديق لأوكرانيا». أجل، أنا أشعر بعمق بالمعاني العظيمة لما وراء تلك الجملة القصيرة، من دون أن يُبسط المقام في شرح أبعادها اللغوية والوجدانية، وهذا لأني جرّبت سابقاً بصفة شخصية ما يمر به الآن الشعب الأوكراني، حيث تجرعت الظلم والخوف والاستبداد في احتلال بلدي الكويت في 2/ 8 عام 1990، وكل الكويتيين عانوا من ذلك، حيث حصل للكويت تماماً مثل الذي حصل لأوكرانيا في اجتياح القوات الروسية لها في 24 فبراير 2022، عندما اجتاح الجيش العراقي بأمر من قائده الطاغية صدام حسين بلادي الكويت، وقتل أهلها، ودمر مرافقها ومبانيها، وحرق آبار نفطها، ونهب البيوت، واغتصب النساء، وشرّد الشعب الكويتي إلى بلدان عدة في الشرق والغرب، وبقينا نحن الكويتيين نتجرع الظلم والحزن والقلق سبعة شهور، حتى جاء فرج الله ونصره بهزيمة الجيش العراقي وخروجه خاسئاً مهزوماً من الكويت، والعار يطلي وجه كل جندي عراقي شارك في احتلال بلدي.

وكذلك فعل الجيش الروسي في أوكرانيا، حيث قام بارتكاب الإبادة الجماعية في مناطق أوكرانية عدة، وجعل جثث الشعب الأوكراني وأشلاءهم ممزقة ومرمية في الشوارع وعلى الأرصفة، ولا تزال روسيا إلى هذه اللحظة ترسل الآلاف من الصواريخ والقذائف والطائرات المسيّرة التي تحمل على متنها الموت والرعب والحرق والدمار في كل يوم نحو جميع المدن الأوكرانية لقتل الأرواح البريئة، وتدمر محطات مياه الشرب ومحطات توليد الكهرباء والمساكن والشوارع والمدارس والمنتزهات والحدائق والمستشفيات والبنية التحتية، بشكل كبير وبوحشية وفاشية عظيمة دون أدنى رحمة.

سأحارب ككاتب ولن أقف، لأننا نحن الكُتاب أقلامنا هي سيوفنا الفكرية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي