No Script

رؤية ورأي

انهزامية مجلس 2022

تصغير
تكبير

فور صدور نتائج انتخابات المجلس الحالي، شبّهه العديد من المراقبين السياسيين بمجلس 1992.

فمن جانب، كلتا الدعوتين إلى انتخابات المجلسين تزامنتا مع طفرة سياسية لصالح المعارضة. ومن جانب آخر، كلا المجلسين اكتسحت المعارضة مقاعدهما وتسلّمت رئاستهما وامتلكت غالبية مريحة فيهما.

ولكن، رغم توافر البيئة السياسية والبرلمانية الإيجابية المحفّزة، فشل وعجز المجلس الحالي عن مجاراة ومحاكاة أداء مجلس 1992. فمن جانب، تمكّنت المعارضة من اختيار وفرض ستّة نوّاب في تشكيلة أول حكومة بمجلس 1992، لكن أول حكومة في المجلس الحالي تضمّنت نائبين فقط.

ومن جانب آخر، أقرّ (820) قانوناً مجلس 1992،، في حين أخفق المجلس الحالي في المحافظة على قنوات التعاون الندّي مع الحكومة، وتباعاً توقفت خطوط إنتاج القوانين، بعد أن كانت الأواصر بينهما قوية منذ تشكيلها إلى ما قبل أسابيع قليلة.

كعادتها لجأت المعارضة إلى تغييب الشعب عن بعض مواضع الخلل، وإلى تضليله في شأن خيارات المعالجة والإصلاح المتاحة. فأرجعت الأزمة الحالية إلى ضعف وتردّد الحكومة وتناست تقصيرها أمام التذبذب الحكومي، واختزلت خيارات المعالجة والإصلاح في انتظار تشكيل حكومة جديدة.

فبالنسبة للشواهد على تقصير المعارضة في دورها الرقابي، أحدها عدم مساءلة الحكومة عن تقاعسها تجاه الـقوانين والقرارات والمراسيم التي تعهدت البدء أو الانتهاء من تنفيذها خلال أوّل 100 يوم عمل.

وهذا التقاعس كشفته التطورات السياسية السريعة في الأيام الأخيرة، التي انتهت برفع الحكومة كتاب استقالتها إلى القيادة السياسية، فاستثارت رغبة الشعب بمعرفة نسبة إنجاز الحكومة برنامج عملها خلال فترة المئة يوم الأولى.

تساؤلات الشعب لم تكشف فقط تقاعس الحكومة وتقصير المعارضة، بل أظهرت أيضاً أن الحكومة قدّمت طلباً إلى مجلس الأمة في بداية الشهر الجاري لاستعجال إقرار مجموعة مشاريع قوانين أمنية غير مشمولة في برنامج عملها للفترة الأولى، وأفشت أيضاً تهادن المعارضة مع هذا الطلب الدخيل.

وأما خيارات المعالجة والإصلاح، فهي بلا شك غير مقتصرة على انتظار الفرج بتشكيل حكومة أخرى لتُشيد بها المعارضة ثم تحمّلها كامل مسؤولية الإخفاقات، ولا بتكليف رئيس وزراء جديد لتهتف المعارضة باسمه وتصفّق لكل تحركاته وأفعاله ثم تُعلن خيبة أملها فيه.

بعيداً عن الخيارات الغوغائية التي كانت تمارسها المعارضة في المجالس السابقة الأخيرة، أمام المعارضة اليوم خيار حضاري يتوافق مع قناعاتها المعلنة، لا يتعارض مع صريح مواد الدستور، متّسق مع أساس فصل السلطات الدستوري، ألا وهو خيار عقد جلسات مجلس الأمة – وإن أخلّت الحكومة بواجب حضور الجلسات برئيسها أو ببعض أعضائها – ومداولة مشاريع القوانين المستحقّة التي طال انتظارها.

وإذا كان السعدون يجد حرجاً في إدارة الجلسات التي تغيب عنها الحكومة، فبإمكانه تسليم الرئاسة لنائبه.

وهنا سوف تجد الحكومة – سواء كانت قائمة أو مستقيلة – نفسها أمام ثلاثة خيارات: حضور الجلسات والمشاركة في المداولات، والطلب من المحكمة الدستورية تفسير المادة (116)، ورَد القوانين التي تُقر بمداولات لم تشارك فيها.

الشعب هو المتضرّر الأكبر من إعاقة وشل السلطة التشريعية على مدى سنوات طويلة لأسباب كانت من بينها الغوغائية التي مارستها المعارضة في المجالس السابقة.

وهو المتضرّر الأول اليوم من إعاقة وشل المعارضة السلطة التشريعية بتبنّيها الانهزامية أمام السلطة التنفيذية.

لذلك على الشعب التصدّي الحازم لهذا النهج الانهزامي.

المعارضة التي تعجز عن تمرير قانون لإسقاط «فوائد» القروض الشخصية والاستهلاكية فقط بعد أن كانت تُطالب بإسقاط «أصولها»، كيف يتوقع منها أن تواجه الحكومة في تشريع قوانين للإصلاح السياسي محكمة غير صورية...؟ «اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي