No Script

إطلالة

رسالة إلى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (2)

تصغير
تكبير
عوداً على بدء،

تناولتُ في المقالة السابقة موضوع الخطبة الموحدة المكتوبة، ليقوم الخطباء بإلقائها في مساجد الكويت في يوم الجمعة، وتناولتُ ما لهذه الخطبة من آثار سلبية على الخطباء الشيوخ والوعاظ وعلى الدعوة برمتها.

وقد أثار هذا الموضوع تساؤلات البعض: ماذا لو أخطأ الخطيب وهو ممسك بورقة في يده؟! وماذا لو لحن في اللغة العربية أي رفع المنصوب وجر المرفوع - وقد حدث مثل هذا ويحدث - وماذا لو أخطأ في قراءة آية قرآنية، أو حديث نبوي شريف - وهو ممسك بهذه الورقة في يده؟!


ألا يُعرّض ذلك الشيخ الخطيب إلى مواقف محرجة أمام المصلين؟ ألا ينزع منه الثقة لديهم ويجعلهم لا يتقبلون ما يلقيه عليهم؟!

إن الخطأ واللحن واردان، بل ويُمكن تقبلهما ولكن ليس في حالة الإمساك بالورقة المكتوبة والمُشكّلة والمنسّقة في الوقت نفسه.

وقد تطرّقت في المقال أيضاً الى موضوع «تسجيل الخطب»، الذي أوقفته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لمدة طويلة بسبب تضايق الأئمة والخطباء والمصلين من هذا التوجه، فبالرغم من معارضة غالبية المصلين لهذا الأمر، إلا أن الوزارة قد رجعت وأعادته مرة أخرى، وهو قرار مرفوض، لأنه بمثابة نوع من التجسس غير المباشر على الأئمة والخطباء، بل ولم يكن موجوداً من ذي قبل!

وكان رد الوزارة على إعادة قرار التسجيل على أنه لتحقيق المصلحة العامة وحماية الخطيب وتطوير الخطابة من خلال متابعة الأداء للخطبة والخطباء حرصاً على ميثاق المسجد.

نعم التطوير والمتابعة والمراقبة مطلوبة ولكن ليس بهذه الطريقة، فمن الممكن ان يتحقق ذلك بطريقة غير مباشرة لا يعلمها الخطيب، ومَنْ يُخالف الشروط واللوائح من الخطباء يتحمّل مسؤولية الانحراف عن المسار الصحيح، ويتم تحويله الى التحقيق ليقف على أسباب تجاوزاته ومخالفاته وذلك حتى يتلاشاها في المستقبل كما حدث تماماً لبعض الأئمة المشايخ في السابق، وللوزارة الحق بإيقاف أيّ خطيب يتمادى في التجاوزات الشرعية.

إن الخطيب كالطبيب، فإذا كان الطبيب يُعالج أدواء الناس العضوية، فإن الخطيب يُعالج أدواء المجتمع وآفاته وانحرافاته.

إذاً، لماذا لا نعطي الخطيب الحق في اختيار موضوع ومادة خطبة الجمعة؟! أليس المشايخ الخطباء أكثر الناس إدراكاً لما ينبغي أن يطرح في يوم الجمعة من توجيهات قرآنية ونبوية وأخلاقية تحت مظلة الاعتدال والوسطية؟!

ومن هنا نريد التوضيح بأننا لا نقصد أبداً الإساءة الى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ولكننا ضد هذه التدخلات سواء من ناحية اختيار مادة الخطبة بين الوزارة والخطيب، أم من ناحية طريقة التسجيل!

يا سادة، إنه يوم الجمعة خير يوم طلعت فيه الشمس، وفيه ساعة استجابة، وهو عيد في الأرض وعيد في السماء، فلا ينبغي أن نُعكّر صفوه بهذه الممارسات التي لا تخدم الدعوة ولا الدعاة...

يقول الشيخ د. عائض القرني عن فارس المنبر القدير: له زئير ومنطقه كالحرير ولسانه كالسيف الطرير، كأن كلامه زلال ونبعه سلسال، تأتيه الحكمة في ارتجال، ويغلب بحجته في الحال، أسداً إذا صال أو جال، يأسر القلوب أسراً، يطوّع النفوس تطويعاً، ويسري بالأرواح إسراءً، يستعمر النفوس ويحتل القلوب، فيكتب على صفحاتها رسائل الحياة، ويرسم على لوحاتها طريق النجاة، فيها الآية الآمرة والموعظة الزاجرة، والقصة النادرة، والحجة الباهرة، تعيش معه في دنيا من الصور والألوان، وفي عالم من المشاهد والألحان، كأنك في إيوان أو بستان أو ديوان...

ولكل حادث حديث،،،

alifairouz1961@outlook.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي