علماء حقنوا خلايا مُعدّلة وراثيّاً داخل فئران مُصابة

لقاح جديد... يدفع الأورام السرطانية إلى «الانتحار»

تصغير
تكبير

نشر موقع «ساينتيفيك أميركان» العلمي تقريراً حول دراسة رائدة نجح باحثون من خلالها في تعديل الخلايا السرطانية لتحويلها إلى لقاحات تطلق مواد بيوكيميائية تحث نفسها على الانتحار، كما أنها تتيح لجهاز المناعة التعرف عليها ومنع عودتها إلى النشاط مستقبلاً.

واستهل التقرير بالإشارة إلى أنه: «كي نعيش، تنتحر ملايين الخلايا في أجسادنا يوميّاً في عملية تُعرف باسم البلعمة الذاتية، وخلال تلك العملية يقوم الجسم بتفكيك محتويات الخلايا المعطوبة أو المختلة، ويبدأ في التهامها وإحلال خلايا جديدة صحية محلها».

وتابع التقرير: «في معظم أنواع السرطان، تتعطل تلك الآلية تعطُّلاً كاملاً، لتترك للخلايا الورمية السرطانية المجال للانتشار في صورة نقائل وثانويات ورمية داخل الجسم».

لكن الخبر السار هو أنه من الممكن أن تُستخدم الخلايا السرطانية للقضاء على نفسها بنفسها؟ ففي دراسة أميركية جديدة نشرتها دورية «ساينس ترانسليشنال ميديسن»، تمكَّن العلماء من تحويل الخلايا السرطانية إلى عوامل لقاحية قوية مُضادة للسرطان، وهو الأمر الذي يعني أنهم جعلوا تلك الخلايا تُحارب نفسها بنفسها في عملية أشبه بالانتحار، وذلك من دون حاجة إلى استخدام علاجات أخرى.

وجرت تجربة تلك الطريقة على نماذج لفئران مُصابة بـ«الورم الأرومي الدبقي»، وهو أصعب أنواع السرطانات التي تصيب الدماغ وأكثرها خطراً وعنفاً، حيث إنه يتألف من خلايا تسمى الخلايا النجمية التي تهاجم الأنسجة العصبية.

وفي البداية، استخدم العلماء تقنية «كريسبر- كاس 9»، وهي تقنية للتحرير الجيني يُمكن استخدامها لإعادة كتابة الكود الجيني للخلايا السرطانية، واستخرج العلماء خلايا ورمية من فئران تجارب، ثم أعادوا تحرير جيناتها بهدف جعلها تطلق مواد بيوكيميائية تقتل الخلية السرطانية والخلايا الشبيهة بها.

وبعد ذلك، حقَن العلماء الخلايا المُعدلة وراثيّاً داخل فئران مُصابة بالأورام السرطانية الدبقية، ولوحظ أن تلك الخلايا بدأت في إطلاق المادة الكيميائية المُدمرة لتنتحر ومن ثم تنقلها إلى الخلايا السرطانية الأخرى التي راحت تقتل نفسها بدورها.

ولم يقتصر دور الخلايا المُعدلة وراثياً على حث الخلايا السرطانية على الانتحار بإطلاق مواد كيميائية تُدمرها ذاتيّاً، بل إنها تمكنت أيضاً من وضع علامات تجعل الجهاز المناعي يستطيع رؤية أي خلايا سرطانية مستقبلية، ويهاجمها في الحال قبل استفحال الأورام.

وعلى الرغم من أن هذه الطريقة الجديدة ما زال أمامها بعض الوقت لتجربتها سريرياً على البشر، فإن الباحثين اختبروا تلك الخلايا السرطانية المعدلة في سلالات مختلفة من الفئران لدراسة تأثيرها على سرطانات أنسجة نخاع العظام والخلايا الكبدية، وهي الأنسجة التي تعتبر محاكاة للبيئة المناعية الدقيقة للبشر.

وتعليقاً على تلك التقنية، قال الدكتور خالد شاه المؤلف الرئيسي لتلك الدراسة: «إن الخلايا السرطانية المُعدلة يُمكن أن توافر حلّاً لتدمير الأورام الأولية والوقاية منها. هذه الطريقة من شأنها تدمير سرطان الدماغ دون أضرار جانبية شديدة».

وأشار الدكتور شاه إلى أن «الميزة الأهم في نتائج هذه الدراسة هي استخدام الخلايا السرطانية الحية المُعدلة، والتي يُمكنها الوصول إلى أعماق الدماغ والانضمام إلى الخلايا السرطانية وحثها على إطلاق المواد القاتلة، كما أن تصميمها يُتيح لها إفراز مواد من شأنها أن تسهل على الجهاز المناعي اكتشاف تلك الخلايا ووضع العلامات عليها وتذكُّرها، ما يهيئ الجهاز المناعي للاستجابة المضادة للورم على المدى الطويل».

وبينما أثبت الباحثون عملياً أن هذا العلاج الخلوي آمن وفعّال في التجارب المختبرية، فإن النتائج التي توصلوا إليها تبشر بفتح الباب أمام التجارب السريرية على البشر تمهيداً لتصميم علاجات مستقبلية تعتمد على جعل الخلايا السرطانية تقضي على نفسها بنفسها.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي