كثيرون تحدثوا عن الرقابة، وما تعنيه من متابعة الأعمال التي يقوم بها أفراد المجتمع في حياتهم أو حتى المؤسسات الرسمية أو غير الرسمية، وصولاً إلى المجتمع المدني في جمعيات النفع العام وغيرها.
وربما اختلف الناس في ما بينهم في موضوع الرقابة، من حيث قبولها أو رفضها، حسب نوع وتوجّه أدواتها، ولست معنياً في هذا المقال بموضوع الرقابة المتعلقة بإصدار الكتب أو الأعمال الأدبية أو الفنية، فهذا مجال واسع، ربما لو أتيحت لي فرصة فسأتحدث عنه.
وما يعنينا، ونود أن يشاركنا القراء الأعزاء فيه، الرقابة المتعلقة بالجهات الحكومية، التي تهم شرائح المجتمع، وأخص المصالح الخدمية، كتلك المتعلقة بهندسة الطرق والمواصلات والكهرباء والمطار والتموين والصحة والبيئة، وغيرها، بالإضافة إلى الجهات التي فيها مصادر دخل كالبترول والتجارة والصناعة مثلاً، وهذه الجهات هي عصب الحياة لأي مجتمع، فمتى صلحت عاش المواطنون في رخاء وراحة، ومتى فسدت عاشوا في دوامة لا يعلم أولها ولا آخرها إلا الله سبحانه وتعالى.
فالرقابة شيء أساسي في كل ما ذكرناه سابقاً، ومن دونها لا يمكن أن تستقيم الأمور لما نحب ونرضى، حيث إن النفس البشرية- كمال يشير ديننا الحنيف- أمارة بالسوء، أي أنها تميل إلى الفعل السيّئ، إلا من رحم ربي، وهي تحتاج إلى من يتابعها من خلال الرقابة التي هي ضبط وتنظيم العمل ومتابعته، وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب، لتقديم كل من يسيء استخدام سلطته أو وظيفته، في أمور تؤثر سلباً على المصلحة العامة، وعرقل عجلة التطور والتنمية، إلى المحكمة.
إن دور الرقابة شيء مهم وضروري، للحفاظ على مقدرات الدولة، وعدم تبديدها بأيدي حفنة من الناس لا تنظر إلا إلى مصالحها، ولا يعنيها إلا ما تريد أن تحصل عليه من مكاسب فانية.
لذا، فإن من الواجب التركيز على اختيار اللجان التي تخص الرقابة، من خيرة المجتمع، والتركيز على سيرهم الذاتية، والبحث في تاريخهم، للتأكد من حسن صفاتهم، لضمان عدم الوقوع في الفساد.
ولا أقول وضع رقابة على الرقابة، بل أقول إن من الواجب عمل ما يشبه المحاسبة لكل رقيب كل فترة محددة من الزمن، للبحث في ما أنجزه وما اكتشفه من تجاوزات، ثم يأتي التقييم الذي عليه يتم تحديد استمراره في عمله الرقابي من عدمه، مع إعطائه صلاحيات وإمكانات واسعة، يتمكن خلالها من تأدية عمله من دون عراقيل، ورفع تقاريره، إلى الجهات المختصة.
وما لا ينكره أحد أن بعض لجان الرقابة لا تمارس عملها بما هو مقرر لها، لذا فإن الفاسدين، يجدون أن المناخ ملائم لممارسة فسادهم وتخريبهم، وهذا الأمر للأسف سيعطل الحياة، ولن يتمكن المجتمع من تحقيق تطوره وتقدمه ونهضته، وسيظل في دوامة محاربة الفساد من دون أن يعرف مصدره ومَن وراءه ؟