اتجاهات

الحرب الأوكرانية إلى أين؟

تصغير
تكبير

دخلت الحرب الأوكرانية في مرحلة شديدة التعقيد والغموض، بحيث غدا من الصعب التكهن بما ستُسفر عنه الأسابيع والشهور القادمة من تطورات.

ففي خلال أسبوع واحد فقط أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، التعبئة الجزئية، وهدّد باستخدام السلاح النووي، وقام بضم أربع مقاطعات أوكرانية للسيادة الروسية.

ولا تفسير لخطوات بوتين، سوى شعوره بالضغوط الشديدة الداخلية والخارجية، نتيجة الهزائم في أوكرانيا. فمسار الحرب قد جاء مخيّباً لتوقعات بوتين، الذى قد تصوّر نصراً حاسماً سريعاً على غرار انتصارات الجيش الروسي السريعة في جورجيا، والشيشان، وسورية.

بواعث التقهقر- غير المتوقع - لروسيا في أوكرانيا متعددة، لكن بلا شك، أهم باعثين، هما المساندة الاستخباراتية والعسكرية الراسخة لحلف «الناتو» للجيش الأوكراني، والعزيمة القتالية الشرسة للجيش والمقاومة الأوكرانية، مقابل فتور واضح للعزيمة القتالية للجيش الروسي لأسباب عدة، ربما أبرزها عدم القناعة بجدوى الحرب.

من الصحيح القول، إن خطوات بوتين التصعيدية الأخيرة، تؤكد تحوّلاً راديكالياً في تفكيره نحو الدفع بخيار «شمشون» أو ما يُسمى «الأرض المحروقة»، بما يعني الزج بالمستوى الأول للجيش بأسلحته التدميرية الفتاكة لسحق الجيش الأوكراني، بل أوكرانيا تماما.

واستخدام الأسلحة النووية ولو بشكل محدود ضد «الناتو» الذي لم يقف مكتوف اليد أمام «جنون بوتين».

الهزيمة في أوكرانيا تعني لروسيا وبوتين أموراً كارثية عدة، منها، فقدان روسيا لكرامتها وكبريائها الدولي، تقهقر قوتها الدولية والإقليمية لصالح الصين والهند وتركيا.

وبالنسبة لبوتين، انتهاء شرعيته الداخلية تماماً كزعيم صوّر نفسه كأسطورة أعاد لروسيا مجدها السوفياتي السابق.

فتصعيد بوتين - لاسيما ضم مناطق أوكرانية - جاء كرد فعل على انتقادات أقرب حلفائه الصين والهند حول استمرار الحرب في قمة شنغهاي الأخيرة، وتصاعد المعارضة الداخلية للحرب.

تضع خطوات بوتين التصعيدية، الجميع في مأزق شديد جدا، بما في ذلك أقرب حلفائه الصين التي سئمت من استمرار الحرب، حيث من المؤكد أنها تريد أن يُنهي بوتين الحرب أو يحسمها من دون تصعيد جنوني.

وعلى الجانب الآخر، من الصعب التصوّر أن يتراجع بوتين للخلف حال استمرار الهزائم في أوكرانيا.

وعلى بيان ذلك، يبدو المشهد شديد القتامة خلال الأسابيع القليلة الماضية.

فالقوة الغربية التي تمثلها الولايات المتحدة و«الناتو» من المستحيل أن تترك بوتين يحسم هذه الحرب، ولو بالترهيب والتهديد.

ويتبيّن ذلك من التنديد الواسع من ضم روسيا لمناطق أوكرانية، والتلويح بضم أوكرانيا لـ «الناتو»، وتكثيف المساعدات العسكرية لكييف.

وفى تقديرنا، أن مخاوف الغرب لا تنطلق من هيمنة روسيا تحديداً على أوكرانيا، بل في طموحات بوتين لضم بعض دول البلطيق وأوروبا الشرقية في المستقبل.

من ناحية أخرى، من غير المتخيل أن تقف الصين ومعها الهند مكتوفة اليد إزاء تصعيد جنوني سيجر العالم إلى حرب عالمية ثالثة بين روسيا و«الناتو».

ستكون الصين -القوة الاقتصادية الأكبر في العالم - المتضرر الأقوى منها.

وإزاء هذه المعضلة من الصعب حقاً تصور سيناريوهات لمسار الحرب في الأيام المقبلة.

ومع ذلك، فالسيناريو الأرجح على الأقل خلال الشتاء القادم، يتمحور حول تكاتف الصين والهند و«الناتو» لممارسة ضغوط سياسية واقتصادية على بوتين للحد من التدمير الوحشي في أوكرانيا، بالتوازي مع استمرار «الناتو» في تزويد الجيش الأوكراني بالأسلحة المتطورة للحد من تقدم الجيش الروسي، مع استمرار الضغوط الداخلية في روسيا -التي يُراهن عليها الغرب - التي ربما ستؤدي إلى حدوث انقلاب داخلي ضد بوتين، أو تدفعه للتراجع خطوتين خوفاً من اندلاع هياج شعبي ورسمي عام مطالب بإنهاء هذه الحرب.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي