No Script

على الهواء

هكذا تلاعبوا بقضية فلسطين

تصغير
تكبير

الشعوب العربية عاطفية يسهُل الهوان عليها، أشرتُ إلى ذلك في كتابي «أبعاد القضية الفلسطينية» ط / 2001.

كثر التلاعب بالقضية الفلسطينية... فبعضهم ما هم إلا عملاء لإسرائيل، كما بيّن ذلك شمعون بيريز في كتابه «الشرق الأوسط الجديد»، عندما قال «إسرائيل هي التي اختارت المنظمة الفلسطينية وأعضاء السلطة الفلسطينية».

وكتب بيريز في الصفحة 15 «كان من الواضح أن المفاوضين الفلسطينيين في المحادثات الثنائية والمتعددة يتلقون تعليمات وأوامر من ممثلي المنظمة المعينين من إسرائيل».

ففي محادثات واشنطن، كان نبيل شعث، الناطق الرسمي باسم المنظمة، مستشار ياسر عرفات، في حين أن «أبوالعلاء» كان رجل المنظمة في محادثات أوسلو، وهو صاحب خطة التنمية الاقتصادية للشرق، غير أن «أبوالعلاء» صاحب الخلفية الاقتصادية، كان أحد مهندسي الاتفاق السياسي في أوسلو، مؤتمر الانزلاق نحو إسرائيل.

وقال بيريز: لم تجر الحرب مع مصر لنستولي على نصف سيناء، ولم ندخل مع سورية للحصول على الجولان... فعلنا ذلك من أجل ضمان الأمن والاستقرار... وجاء عرفات من حي السكاكيني اليهودي في مصر، ليحرك الأمور باتجاه معاكس سلس... احتل عرفات مكانة مرضية رغم أن الفلسطينيين لا يعرفونه (من أي دار) جاء ولا من أي أسرة لعاطفتهم، ولا تُعرف له قرية أو مدينة ولا أهل التي ترحب بكل قادم لدار ضيافتهم.

عرفات جاءهم من خلف ستار الغيب، جاء ليقبل التفاوض مع إسرائيل، وجاء ليقنع وفده بالتراجع والانسحاب وقبول المفاوضات... وكلما تردد الفلسطينيون، استطاع عرفات أن يُعيدهم إلى طاولة التفاوض، واقتنع الفلسطينيون بأن التفاوض من دون عرفات غير مجد.

وفي المفاوضات كان يُبدي تلاعباً بمهارات بهلوانية.

وقاد عرفات تحالفاً وطنياً من دون دولة، وكانت تجرى انتخابات المنظمة والسلطة من دون أن يكون عرفات من أحجار الطاولة، رابطاً السلطة بخيوط إسرائيل والمنظمة وأموال دول عربية، مع تفكير مصحوب بدهاء الصهيونية، وجعل عرفات نفسه صاحب اليد العليا في صراع القوة الهادئة.

ووهبت أميركا اعترافها بعرفات لتنال رضا دول عربية... وتفاوضت دول عربية مع عرفات قبل الاعتراف به، وتسلم عرفات أموالاً، وجعلها في مستودع سُهى (زوجته) وليس باسم فلسطين أو شعبها، لأن الفتاة الشابة تفرض رأيها على الكاهل الهرم... وسُهى نجم غائر لا يُرى إلا نادراً...

ألقى عرفات محاضرة في رابطة الأدباء أثناء رئاستي لها فسألته: ما زال هناك فسحة من العمر إن شاء الله، أفلا تتزوج؟ فقال: أنا قد تزوجت القضية الفلسطينية ولا أتزوج غيرها أبداً.

فصفّق له الفلسطينيون وهم غالبية الحضور... وتزوج غيرها. وجاءت سهى لتتولى بيت المال الفلسطيني... ليس لتزرع الغذاء ولا لتفتح بيوت العلم وبيوت العبادة بيوت الله، بل لتبني المشاريع من الشرق والغرب، حتى صارت سهى، «ملكة فلسطين غير المتوّجة».

هكذا لعبوا بالقضية الفلسطينية وشُيع عرفات في موكب جنائز الشهداء الأبرار، وأنهكوا قواه وجلبوا له الأمراض، ليقولوا «رحل شهيد القضية الفلسطينية».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي