حرب في أوروبا بين دولتين... لا ناقة لنا فيها ولا جمل.
ولكن نتساءل كيف يذهب العقل عند نُشوب الحرب؟. صواريخ تُدمر معالم حضارية أنجزت في أجيال وقرون، يذهب الإنسان رخيصاً، فنأسف على إنسانية الطرفين المنهارة، مبان أثرية تحمل حقباً سادت، عندما كانت الأحجار مطواعة في زخارفها، النحت في أسفلها وأعاليها في أيام كان الإنسان يُسخّر لنحت الحجارة، لم يعد الآن هذا الإنسان الذي يشتغل بالسخرة والأجور الهابطة، للإنسان الآن حقوق تكفُل له الراحة والاحترام... وأوقات العمل المحدودة. بلدان حضاريان روسيا وأوكرانيا، عندما أرادت الأولى السيطرة على الثانية، أليس من دواعي العقل أن تسبق العقول الحماقات، ويجتمع الطرفان على موائد تطرح رغبة العقول للتقارب والتوارد؟ لا نقول إن الشرق أفضل من الغرب حماقات الشرق لا تزنها الجبال الشاهقة، والشرق العربي بمغربه لا توجد فيه دولتان متآلفتان بينهما الحب والمودة، وإن سكنت فذلك كسكون الرماد تحت الجمر، حدود مُغلقة لعشرات السنين، وفوضى الحدود وتخلّف المواصلات، القطارات دخلت المتاحف، وتطورت لتنافس الطيران، القطارات وحّدت شعوب الغرب وألّفت بينها، ولا يربط دول شبه الجزيرة العربية رابط.
تهكم الفنان الكبير سعد الفرج، عندما قال (راكب قطارك) قبل ثلاثة عقود لم يأت القطار بعد الذي مضى عليه مئة عام وأكثر، في مصر والسودان، والقطار وسيلة التواصل والتقارب إذا تراجع العقل في الشرق فلتخلف العلم والحضارة.
وماذا عن دول العلم والحضارة تهدم إنجازات القرون بلا عقل ولا تفكير في أسلحة تطورت للتدمير لا للعمار. روسيا وأوكرانيا ما كان بينهما خلاف وعندما أرادت روسيا احتواءها لماذا لم تتفاوض ولم تجتمع معها في مفاوضات زمنية متفاوتة؟
دول الشرق تكدّس الأسلحة لتُفني بعضها بعضاً، وما يُصرف على السلاح أكثر ما يصرف على الغذاء. مازالت دول الغرب تمنع دول الشرق أن تزرع أراضيها قمحاً! كان هذا المنع على سائر الدول العربية والأفريقية مَنْ تحدى رغبة الغرب وهيمنته قُضي عليه. ذهب إلى رحمة الله تعالى من أصرّ على زراعة القمح في أرضه.
وزير زراعة في بلده عندما تقاعد حقّق حلمه بأن زرع أرضاً له بالقمح، وكان من أجمل المحاصيل الزراعية علمت به دولته، فأرسلت وفداً لينظر إلى المحصول وما به من خير فامتدح الوفد وبارك لصاحبه هذا الإنجاز، وفي فجر اليوم التالي جاءت معدات الحراثة لتتلف المحصول، لأن أميركا توعز لحكومات أن تمنع زراعة القمح.
رحم الله أياماً كان الشرق يُغذي دول الغرب بالقمح، الآن يُفرض على دول الشرق المستضعفة ألّا تزرع أرضها بالقمح لكي لا تغضب السياسة الأميركية.