الحياة كتاب كبير الذي يُقلّب صفحاته يُدرك صوراً مختلفة وإشارات متباينة، وهدياً مختلفاً لمواقف عديدة تبعث على التأمل في ماهيتها والتفكير في دلالاتها والإصغاء إلى مفردات تنم عن إشارات راشدة وهدي رشيد.
رحاب الدنيا واسع، وكلما تأمل الإنسان فيه يجد أنماطاً مختلفة من الهدي وسبلاً متنوعة من الإرشاد وينابيع تتفجر من التراث كلما نهل المتتبع فيها اشتاق إلى غيرها ممتلئاً بالعذوبة المتدفقة.
رجال حملوا هذا الهدي ورثوه من آبائهم وأجدادهم، وأهدوه إلى أجيال، استمتعت به وهي تورثه إلى مَنْ يأتي من بعدها من الأجيال.
من هؤلاء الرجال الأخ/ أحمد رضا الصايغ، الذي غادر دنيانا في الأسبوع الماضي، كم هو هادئ في طبعه، رزين في تصرفاته، طيب في نصحه وإرشاده.
درج في أحضان هذه الديرة الطيبة ودرس في مدارسها وعمل في محيطها بجدٍ واجتهادٍ وإخلاص، حيث عمل في وزارة الداخلية فترة ثم انتقل إلى المجال المصرفي، فعمل في بنك الكويت والشرق الأوسط، واستمر في عمله مجداً مخلصاً مثالاً في الترتيب والنظام، واستمر فيه إلى أن أصبح البنك بنك الكويت المتحد، وواصل مشواره وأبدع في تفكيره وأخلص في أشاراته.
رحمك الله يا أبا خالد، كنت مثالاً في مجال الإخلاص والنصح والإرشاد والكلمة الطيبة.
قالت وقد سلخ ابتسامتها الأسى
صدق الذي قال الحياة غرور
كذا نموت وتنتهي أعمالنا
في لحظة وإلى التراب نصير
وتموج ديدان الثرى في أكبد
كانت تموج بها المنى وتمور
يا أبا خالد:
إذا رحلت عن دنيانا بجسدك فإن صورتك في أعيننا لا تفارقها، وذكراك في قلوبنا لا تغادرها، فأنت الطيب في سلوكك المخلص في إشاراتك هكذا مشيئة الله الكريم والموت حق.
رأيت بني كوفدين كلما
ترحل وفدٌ حل في إثره وفدُ
وكل يجد السير عنها ونحوها
فيمضي بذا نعش ويأتي بذا مهد
اللهم بارك لأبي خالد في حلول دار البلاء وطول المقامة بين أطباق الثرى، واجعل القبر بعد فراق الدنيا خير منزل له، واخلف على أهله وأحبائه بالصبر والسلوان.
إنك وليّ ذلك والقادر عليه حقاً:
إن الصديق الحق مَنْ كان معك
ومَنْ يضر نفسه لينفعك
ومَنْ إذا ريب الزمان صدّعك
شتت فيك شمله ليجمعك
في أمان الله يا أبا خالد.