No Script

قيم ومبادئ

لماذا الزووم على الكويت؟

تصغير
تكبير

الجميع يُفكر في تغيير وإصلاح الوضع العام، ولكن لا أحد جلس يُفكر في كيفية إصلاح نفسه! خصوصاً إذا علمنا أنه ليس مطلوباً منك هداية الشعب وكل البشرية، فضلاً عن عالمنا الإسلامي والعربي؟ والسبب ببساطة لو اعتنى كل واحد منا في تنظيف فناء داره وأمام بيته لأصبح الحي والشارع نظيفين.

وحتى نوضح الفكرة أكثر نقول لو قارنا أحوال الكويت اليوم بحالنا قبل النفط، وهذه المقارنة ضرورية لإزالة الكآبة الاجتماعية والتهويل السياسي من أمور الانحراف والفساد، ولتصحيح الصورة النمطية في أذهان الشباب عن أمور السيطرة الخارجية وهيمنة الدول الكبرى على العالم حتى ظن البعض أن جيل الشباب اليوم لا يوجد فيه مَنْ يصلي ويصوم إلّا القليل.

والملاحظ في بعض الندوات ومقاطع الفيديو التي يتم تداولها التي كبّرت من خطر الأعداء والغزو الثقافي وهوّنت من واقع دول الخليج وفي النهاية الوصول إلى اليأس من الواقع والوهن في العزائم للنهوض من جديد.

وهذا خطأ من حيث الواقع، وخطأ يتنافى مع قواعد الشريعة الإسلامية التي تحذّر من التشاؤم والتطير، ولنأخذ على ذلك مثالاً من واقعنا اليوم، فهذه تركيا وبعد سقوط الخلافة العثمانية واتجاه الناس للعلمانية على يد زعيمها مصطفى كمال أتاتورك، الذي أراد شيئاً فأدركه بمحو آثار الإسلام، ثم لما زالت دولته المعروفة بنظامها العلماني نجد الأتراك يتجهون إلى الإسلام مرة أخرى وبشكل سريع، وهذه بلاد المغرب العربي ورغم استعمار فرنسا لها التي فرضت عليهم اللغة الفرنسية والثقافة العلمانية سرعان ما عادت بكل شرائحها إلى الإسلام، وهذه الشيشان والبوسنة وألبانيا وغيرها كثير من بلاد أفريقيا وبلاد جنوب شرقي آسيا، وهكذا نجد الخير في هذه الأمة الإسلامية كثيراً... فلا بد أن نستثمر هذا الخير لا أن نقتله، لأننا إذا أكثرنا من توبيخها فإنها لا تقوم، والنبي، صلى الله عليه وسلم، كان من هديه الإقلال من المواعظ، ولكن إذا كانت عادتنا دائماً للشباب أن نقول لهم لا خير فيكم فسيظنون بعد ذلك فعلاً أنه لا خير فيهم، وأيضاً المصلحين منهم سيخبو نشاطهم ويخيبون لأنهم يقولون في قرارة أنفسهم إن أمة هذا حالها كيف سأصلحها؟ ولسان حاله يقول: وهل يُصلح العطار ما أفسد الدهر؟ والحقُّ والحقَّ أقول، إن هذه الأمة فيها خير عظيم إذا أحسنت في العمل وقامت بالواجب، وإذا تفاءل الشباب اندفعوا للعمل والإنتاج ولكننا نعيب على بعض الكُتّاب الصحافيين والأدباء والوعاظ في المبالغة والتهويل من الأخطار لدرجة الوصول للحضيض!

وفي المقابل نعتب على المهمل المفرط الذي يرى - دائماً - ويكتب في المدح والإطراء وكأن الشعب والحكومة لا أخطاء لهما!

ولكن الحق أن نعرف الخير من الشر فنقيم الخير في مكانه الصحيح، ونقيّم الشر في مكانه وحصره في زاوية بعيدة.

وهنا تجدر الإشارة إلى منزلق خطير، وهو أن ينساق الإصلاحيون وراء عواطف الجماهير الشعبوية فتصبح البرامج لمكافحة الفساد ومرتبطة بالأهواء، فتكون النتيجة أن الجماهير هي التي تقود النواب والوزراء الإصلاحيين وهم يحسبون أنهم يُحسِنون صُنعاً، وهذا يجعل العمل النيابي تجديفاً يسوق الكويت بعيداً عن الصالح العام الذي نص عليه الدستور.

كما أن الأسطوانة المشروخة التي كرّرها المعسكر القديم من السياسيين في تحريك عواطف الناس في قضايا سياسية شعبية لم يعُد يجدي شيئاً اليوم، لأن الناس متفرقون عقدياً واجتماعياً وسياسياً، فهو بالتالي جهد لا طائل من ورائه ولا منفعة فيه للجماهير فهل نعي هذا؟

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي