لا يختلف اثنان من المواطنين على أن أغلب أعضاء مجلس الأمة الكويتي (إلّا من رحم ربي) لا يؤمنون بشيء اسمه الديموقراطية أو حرية الرأي أو المشاركة باسم الشعب في الحكم وإدارة البلد والرقابة الشعبية والمحاسبة.
واقع الحال (كما نرى ونسمع) أن أغلبيتهم (أعضاء مجلس الأمة) يستخدمون العضوية متراساً وسيفاً يحصل من خلاله على قوة يستفيد منها (شخصياً، مذهبياً، قبلياً) ومتى ما تم تهديد هذه المصالح، خصوصاً المصالح الشخصية، أخرج الدرع والسيف (الدستور والقوانين والنظم) وبدأ في استخدامها تحت مظلة الديموقراطية وحرية الرأي والرقابة الشعبية.
استجواب النائب وعضو البرلمان العربي حمدان العازمي يمكن وضعه بأنه استجواب «المقايضة» اعطوني حق الاجتماع بالوزراء لتمرير المعاملات أو الاستجوابات. وصرح بهذا النائب وعضو البرلمان العربي حمدان العازمي بأن الواسطة هي نوع من أنواع السعي للمواطن، وهنا دخل الشرع في الموضوع.
استجواب النائب وعضو البرلمان العربي حمدان العازمي للوزيرة الدكتورة أماني بوقماز وزيرة الأشغال من هذا النوع الانتقائي لا هدف له سوى المقايضة وعودة الواسطة مقابل إيقاف الاستجوابات.
الاستجواب المقايضة من محور واحد (تعارض المصالح)، علماً بأن من طرح فكرة الاستجواب في البداية النائبة د. جنان بوشهري والكل يعلم ما تعرّضت له الدكتورة جنان من ظلم أثناء توليها الحقيبة الوزارية من النواب وموقف سلبي من الحكومة وتأييد لمحاور الاستجواب وطرح الثقة من قبل النواب، ومنهم النائب عضو البرلمان العربي حمدان العازمي الذي طرح الثقة فيها في ذلك الوقت وتبنى طرحها وأفكارها الآن!
نرجع إلى المحور الوحيد في هذا الاستجواب، وهو تعارض المصالح، ومفهوم تعارض المصالح يمكن اختصاره في «تأثير المصلحة الشخصية للفرد بشكل سلبي على الواجب المكلف به باتخاذ قرارات لصالح أو ضد طرف معين.
وتعارض المصالح يكون بشكل واضح عندما يكون الشخص المكلف بالواجب شاغلاً لوظيفتين في الوقت نفسه».
هذا هو تعارض المصالح بالمفهوم الواضح.
وفي حالة الوزيرة بوقماز لا ينطبق عليها هذا المصطلح (تعارض المصالح).
كما أنه في عام 2019 قضت المحكمة الدستورية برئاسة المستشار يوسف المطاوعة بعدم دستورية مواد قانون تعارض المصالح بالكامل وبسقوط لائحته التنفيذية لمخالفة المواد 16 و18 و32 و34 من الدستور.
وبينت المحكمة في حيثيات حكمها العيوب التالية:
- القانون اشتمل على عبارات غامضة ومبهمة وليس لها مدلول محدد.
- عبارات غير منضبطة تؤول إلى الاحتمال والظن والتخمين.
- خروج القانون عن القواعد العامة في التجريم والعقوبة.
- الاعتداء على حق الملكية ورأس المال وحرية العمل.
وأمور أخرى كثيرة لكن علينا ملاحظة كلمة «حرية العمل» كما في المادة «16» من الدستور وأيضاً لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون. ولا عقاب إلّا على الأفعال اللاحقة للعمل بالقانون.
الاستجواب فيه تبادل مصالح بين النائب عضو البرلمان العربي حمدان العازمي والنائبة الدكتورة جنان بوشهري. حمدان أراد مقايضة الاستجواب بعودة الواسطة والسعي وجنان طرحت موضوعاً كنوع من الانتقام السياسي، ولكن بذكائها ألبست حمدان الاستجواب وأبعدت عنها صورة المنتقمة.
نأتي الآن للوزيرة الدكتورة أماني بوقماز. منذ بداية طرح هذا الموضوع أخذت جانب الصمت العميق لمدة أكثر من جلسة، والغريب أن رئيس مجلس الوزراء حاضر ويرى عدم ردها على الاستفسارات، بعدها ردت وكان الرد أشبه بإجابة عن سؤال في الامتحانات عندما لا يعرف الطالب السؤال ولم يذاكر جيداً، يجيب بكلام غير مفهوم وغير واضح.
والسؤال، لماذا لم يتخذ رئيس مجلس الوزراء إجراء في عدم إجابتها في الجلسة؟ لماذا تركها وحولها كثير من الاستفسارات؟
الاختيار لا يعني الإصرار عليه حتى وإن كان اختياراً جانبه الصواب، فكل المؤشرات تدل على أنها متخصصة في الهندسة ممتازة، لكن لا تعرف معنى الإدارة والسياسة. كان لا بد من التحرك منذ الجلسة الأولى التي تم فيها طرح الموضوع وتقييم الأمر من كل جوانبه.
ليس من الضروري أن يكون وزير الأشغال مهندساً فمن أسس هذه الوزارة لم يكن يعرف معنى حساب المثلثات ولا الفرجال ونذكر منهم سمو الشيخ سالم العلي الصباح، حفظه الله، والمرحوم عبداللطيف ثنيان الغانم والمرحوم حمود يوسف النصف.
كانوا سياسيين يعرفون كيف تُدار الأمور السياسية والإدارية، واستطاعوا تأسيس الوزارة مع بداية الدولة الحديثة.
وعلى الخير نلتقي...