تفاؤل بحلحلة وشيكة مع الحكومة الجديدة وتسريع وتيرة المعالجة
القضية الإسكانية... هل هناك أمل؟
ما زال جرح الملف الإسكاني ينزف مستهلكاً معه زهرة شباب المواطنين الذين مازال عليهم الانتظار لسنوات عدة حتى يتحقق حلم العمر في تملك بيت.
وفيما تستهلك 30 في المئة من الأسر الكويتية قرابة 35 في المئة من دخلها للإنفاق على شقق مستأجرة، تتعلق الآمال بعد تشكيل الحكومة الجديدة على ترجمة الحلول النظرية إلى واقع عملي، في ظل حالة من التفاؤل بإجراءات الحكومة الإصلاحية في عدد من الملفات.
وخلص المراقبون للملف الإسكاني إلى أن معضلات القضية الإسكانية تكمن في عدد من المحاور، من بينها استهداف التجار لتحويل العقارات السكنية إلى شقق للحصول على عوائد أكبر، و توزيع الأراضي على الورق ما يعطّل المواطنين ويدفعهم لشراء المساكن بأسعار مبالغ فيها، وبعض قوانين الرعاية السكنية خصوصاً في مسألة التنازل والبدل، وعدم توزيع أراضٍ صالحة للبناء ببنية تحتية متكاملة.وجاءت الحلول المقترحة منوعة بين تعديل التشريعات لتوفير الأراضي، وتوفير سكن للأرامل والمطلقات، وزيادة الدعم المادي للأسر، ومضاعفة توزيع الوحدات السكنية، والإسراع في توفير مدن للعزاب.
بيت العمر... على رأس أولويات المواطن
تصدرت القضية الإسكانية اهتمام المواطن الكويتي، وفقاً لاستطلاع أجرته وزارة الدولة لشؤون مجلس الأمة.
وذكر وكيل الوزارة المساعد لقطاع البحوث ونظم المعلومات الدكتور أحمد الهيفي، في تصريح سابق، أن الاستطلاع الذي أجرته الوزارة خلص إلى أن القضية الإسكانية تأتي في صدارة اهتمامات المواطن الكويتي، الذي يأمل من السلطتين التشريعية والتنفيذية وضعها على رأس أولويات الفصل التشريعي الخامس عشر لمجلس الأمة.
وقال الهيفي إن الاستبيان الذي استند إليه الاستطلاع، قام على سؤال مفاده: ما القضية الأهم بوجهة نظرك التي يجب أن يتبناها مجلس الأمة؟ حيث تم وضع خيارات تضمنت القضايا الأمنية والإصلاح الاقتصادي والمالي، وقضايا الفساد والمال العام والصحة والتعليم والإسكان وقضايا الأسرة.
وأضاف أن استطلاع الرأي استهدف الوصول الى أهم ما يشغل المواطنين من القضايا التي يريدون حلاً لها في مجلس الأمة، حيث جرى على موقع الوزارة الإلكتروني والبوابة البرلمانية المعتمدة ضمن البوابة الإلكترونية الرسمية لدولة الكويت على شبكه الإنترنت، وكذلك عن طريق برنامج التواصل الاجتماعي (واتس اب).
من جهته، قال مدير إدارة الدراسات السياسية والاقتصادية في الوزارة الدكتور فالح العمرة، إنه من واقع نتائج استطلاع الرأي، هناك مسؤولية تقع على عاتق السلطتين تكمن في مواصلة الاهتمام بالقضية الإسكانية التي تحتل الصدارة في جميع استطلاعات الرأي منذ سنوات طويلة. وأكد ضرورة أن تكون هناك رؤية متكاملة وخطة مبرمجة زمنياً لكل مشروع إسكاني، تظهر المدة الزمنية المطلوبة للوصول إلى تلبية كل الطلبات الإسكانية، لاسيما أن الحكومة ومجلس الأمة السابق منحا هذه القضية أولوية، وساهمت جهودهما معاً في ارتفاع معدلات التوزيع السنوية إلى 12 ألف وحدة بزيادة تسعة آلاف وحدة سنوياً، مقارنة بمتوسط التوزيعات في السنوات السابقة.
الإيجار يلتهم 35 في المئة من راتب رب العائلة
30 في المئة من الأسر الكويتية... مؤجرة
تعيش 30 في المئة من الأسر الكويتية بالإيجار، إذ تشير بيانات الهيئة العامة للمعلومات المدنية إلى أن عدد العوائل الكويتية وصل إلى 313 ألفاً، في الوقت الذي وصل عدد الطلبات الإسكانية في المؤسسة العامة للرعاية السكنية إلى 91.5 ألف طلب.
ويكلف العدد الكبير من الطلبات الإسكانية الدولة شهرياً نحو 13.73 مليون دينار الأمر الذي يشكل عبئاً كبيراً على ميزانية الدولة. وفي الوقت الذي يعيش معظم هؤلاء في شقق استثمارية أو بيوت بالإيجار، قدّرت مصادر عقارية إيجاراتها ما بين 400 و900 دينار على حسب المساحة والاكساء والمنطقة.
وأظهرت دراسة حديثة لاتحاد العقاريين أن مساحة الأراضي العمرانية المستغلة في الكويت لا تتعدى 8 في المئة فقط، في الوقت الذي يكتوي به ثلث الأسر الكويتية بنيران الإيجارات التي تلتهم ما يقارب 35 في المئة من راتب رب الأسرة.
وأفادت الدراسة بأن مساحة الأراضي العمرانية المستغلة تصل 1445 كيلومتراً مربعاً متضمنة المساحات المشتركة بين جميع المناطق، وذلك من أصل مساحة الأراضي بجميع أنواعها في الكويت، والبالغة 18 ألف كيلومتر مربع، إذ إن الـ92 في المئة المتبقية تشمل الأراضي الزراعية وحقول النفط، وأراضي مخصصة لوزارة الدفاع، ومناطق مصنفة على أنها إستراتيجية، وأراضي صحراوية فضاء.
ويرى عقاريون أن نموذج تمويل بنك الائتمان للقسائم غير مستدام، حيث يقدم البنك قرضاً إسكانياً بنحو 70 ألف دينار بفائدة صفرية وبفترة سداد تصل إلى 30 عاماً، في حين أنه لا يستطيع الوفاء بالمبالغ المطلوبة لتغطية قروض القسائم الحكومية الجديدة، إذ إن قدرته الحالية لا تسمح بتمويل كل القسائم الحكومية في مشروعي مدينة المطلاع ومنطقة جنوب عبدالله المبارك السكنيتين، الأمر الذي دفع البنك أخيراً إلى المطالبة بزيادة رأسماله بواقع 750 مليون دينار لتغطية طلبات أهالي مدينة المطلاع السكنية.
احتكار التجار
أكد عدد من ممثلي اللجان التطوعية للمناطق السكنية الحديثة، أن احتكار الأراضي السكنية من قبل عدد قليل من التجار، وعدم وجود توزيعات جدية للقسائم السكنية من قبل الحكومة صالحة للسكن بوقت قصير وعدم فرض ضرائب على من يمتلك أكثر من قسيمة سكنية، كلها عوامل ساهمت بشكل كبير في ارتفاع أسعار العقار بشكل جنوني حتى أصبح امتلاك بيت في الكويت حلماً للمواطن، إلا من خلال ما ستجود به المؤسسة العامة للرعاية السكنية عليهم بعد انتظار أكثر من 15 سنة.
وعزا الناشطون في القضية الإسكانية أزمة ارتفاع أسعار العقارات السكنية إلى عدد من الأسباب، جاء على رأسها عدم تدخل الحكومة لفك الاحتكار عن الأراضي السكنية التي سيطرت عليها ثلة من تجار العقار، الذين باتوا يتحكمون في الأسعار ويتركونها خالية من دون تصرف لترتفع قيمتها للحد الذي يرغبون فيه من دون مراعاة للمواطنين ودخلهم.
أسعار جنونية
عزا عقاريون الارتفاع الجنوني بأسعار العقارات السكنية إلى محدودية معروض الأراضي السكنية مقابل النمو السكاني الكبير، إلى جانب عدم قدرة الحكومة على تلبية الطلبات الإسكانية، لافتين إلى أن 70 في المئة من الشعب الكويتي هم من الشباب دون 34 سنة، ما يعزز الطلب بشكل كبير على السكن الخاص، فيما شهدت بعض المناطق قفزات في الأسعار بنحو 20 في المئة خلال عام واحد فقط.
وأوضحوا أن سيولة كبيرة متوافرة بالسوق، في ظل وجود ودائع في البنوك المحلية لأفراد ومؤسسات تبلغ نحو 33 مليار دينار، تفتح شهية المستثمرين نحو تلك العقارات ذات العائد الأعلى، لاسيما بعد تخفيض سعر الخصم من قبل بنك الكويت المركزي إلى 1.5 في المئة، وزيادة نسبة البناء من 150 في المئة إلى 210 في المئة، إلى جانب الاستمرار في دعم تعرفة الكهرباء والماء في القطاع السكني حتى على البيت الثاني والثالث والرابع، إضافة إلى أن التساهل في المخالفات شجّع على تحويل المناطق النموذجية والسكنية إلى مناطق تأجيرية.
وتوقعوا استمرار الاتجاه الصعودي لأسعار السكن الخاص في العام الجاري 2022، مع تغيير في حجم ونسبة الارتفاع مقارنة بـ2021، لافتين إلى أن ذلك مرتبط في جديّة المؤسسة العامة للرعاية السكنية وخططها في معالجة الأزمة السكنية.
ولفتوا إلى أن الحل يكمن في تبني الحكومة حزمة من المشاريع والقوانين مثل قانون الرهن العقاري، وتغيير فلسفة «الرعاية السكنية» في طرح منتجات تمويلية أخرى لمعالجة هذه الأزمة، مؤكدين أن الأهم من ذلك كله هو تحرير الدولة للأراضي لأنه كلما زاد المعروض قلّت الأسعار وزادت قدرة المواطن على الشراء.
4 مكامن خلل
حدد ممثلو اللجان التطوعية أربعة مكامن للخلل تساهم في تعقيد الملف الإسكاني:
1 - تجار يستهدفون تحويل العقارات السكنية إلى شقق للحصول على عوائد أكبر.
2 - توزيع الأراضي على الورق يعطّل المواطنين ويدفعهم لشراء المساكن بأسعار مبالغ فيها.
3 - بعض قوانين الرعاية السكنية خصوصاً في مسألة التنازل والبدل.
4 - عدم توزيع أراضٍ صالحة للبناء ببنية تحتية متكاملة.
5 حلول شعبية
خلصت آراء ثلة من المواطنين استطلعت «الراي» آراءهم إلى أنه يمكن حل القضية الإسكانية من خلال خمسة محاور، هي:
1 - تعديل التشريعات لتسريع توفير الأراضي.
2 - توفير سكن للأرامل والمطلقات.
3 - زيادة الدعم المادي للأسر.
4 - مضاعفة توزيع الوحدات السكنية.
5 - توفير مدن لسكن العزاب بعيداً عن مناطق المواطنين.
6 مهام للجنة تحرير الأراضي
تقدّم 7 أعضاء في المجلس البلدي بطلب تشكيل لجنة لتحرير الأراضي السكنية، حيث أكدوا أن طلبهم يأتي نظراً لأهمية القضية الإسكانية، واعتبارها من أهم القضايا الأساسية في هذا الوطن، والتي تمس استقرار الأسر والمواطنين.
وجاء في الطلب أنه بناء على قلة الأراضي الإسكانية المعروضة التي هي سبب رئيسي لتفاقم هذه المشكلة، وتأخر طلبات الرعاية السكنية، واستناداً وتفعيلاً للمادة 28 من القانون 33 /2016 في شأن بلدية الكويت واللائحة الداخلية للمجلس البلدي، تم تقديم طلب تشكيل لجنة خاصة من 7 أعضاء باسم «لجنة تحرير أراضي الدولة»، على أن تكون مهامها، ما يلي:
1 - حصر وتحديد الأراضي غير المستغلة داخل خط التنظيم العمراني.
2 - استعجال تسليم مواقع المناطق والمدن السكنية المخصصة للمؤسسة العامة للرعاية السكنية.
3 - اقتراح الحلول العاجلة في شأن أي معوقات بخصوص تسليم الأراضي المخصصة للمؤسسة.
4 - حصر وتحديد أراضي الدولة غير المخصصة للأغراض السكنية ومعرفة مدى إمكانية تخصيصها للمؤسسة العامة للرعاية السكنية ومشاريعها.
5 - التأكد من عدم وجود عوائق أو ملوثات بيئية أو صحية، في الأراضي التي سيتم اقتراح تخصيصها للمؤسسة.
6 - تحفيز المؤسسة العامة للرعاية السكنية والجهات المختصة على سرعة تنفيذ المشاريع الإنشائية.
7 معالجات طويلة الأمد
1 - تقديم خيارات مختلفة واختيارية لمستحقي الرعاية الإسكانية.
2 - إلغاء خيار الأرض والقرض والاكتفاء بخيار المنزل المبني أو الشقق أو القرض فقط.
3 - تمليك الطوابق في المناطق الحالية.
4 - السكن العمودي.
5 - تخفيض نسبة البناء أو مساحات الأرض.
6 - إعادة النظر في الدعومات.
7 - إشراك القطاع الخاص وفق أسس عادلة.
إضاءات
• يمثل السكن الخاص مصدراً للثروة بالنسبة للأسر، حيث أظهرت دراسة سابقة لاتحاد العقاريين أن قيمة هذه الثروة للأسر الكويتية بلغت ما بين 80 إلى 90 مليار دينار.
• إجمالي عدد أراضي المنازل في الكويت 176.220 ألف لا تشمل المطلاع وجنوب صباح الأحمد وجنوب عبدالله المبارك وجنوب خيطان، والتي تقدر عدد الأراضي بها بنحو 21.952 ألف قطعة أرض.
• من 176.220 ألف قطعة أرض هناك 142.383 قطعة أرض مبنية في الكويت و13.134 ألف تحت البناء و20.703 قطعة أرض شاغرة.
• عدد الأراضي الشاغرة في كل الكويت 20.703 ألف، لا تشمل المناطق الجديدة وبإجمالي مساحة 23 مليون متر مربع.