No Script

رأي قلمي

نغامر لنجدد...!

تصغير
تكبير

الإنسان مركب فذ من عقل وجسد وروح... وحتى يحيا حياة طيبة وينجح في أداء رسالته في الحياة، فإن عليه أن يولي عنايته لكل أبعاد ذاته، وأن يحرص على إحداث التوازن المطلوب بينهما جميعاً.

إن طبيعة التكليف الرباني، وطبيعة ابتلاءات الحياة المتنوعة والمتجددة، تتطلب أن يوازن الإنسان بين مجموعة من الاحتياجات، ما يستدعي وجود أهداف متعددة، وذلك كله يتطلب نوعاً من التكامل المنهجي بين أركان الشخصية وبين الأنشطة التي تخدمها وتنميها.

والمخطط الرباني قد وضع للمرء المخطط العام لكل ما يحقق له النجاح في الدنيا والفلاح في الآخرة، لكن ذلك لن يحقق له النمو والتقدم المأمول ما لم يعد ويجهز نفسه لمواجهة التحديات والابتلاءات المتجددة، وتلك المواجهة تُنتج دائماً بُنيات فكرية متراكبة، وشروطاً جديدة للبقاء والتحسن، ولن يكون هذا إلا ببعض الأفكار والمفاهيم والآليات التي تساعدنا على تجديد البعد العقلي لدينا.

إن التجديد في أي جانب من جوانب الحياة ليس شعاراً يرفع، ولا هو بالأمر اليسير. إنّ التجديد يتضمن دائماً نوعاً من التخلي عن بعض المألوفات والمحبوبات، كما يتطلب ضبطاً أكثر للذات، وذلك من الأمور الشاقة على النفس، لأن كثيراً من الأشخاص لا يدرك الفرق بين الثوابت والمتغيرات وهذا من أكبر العوائق التي تصد الناس عن التجديد، وتخيفهم منه.

وقد يظن بعض الناس أن التخفف من الأصول والمسارات المرسومة، يجعل حركة التغيير أكثر تدفقاً. وهذا غير صحيح، لأن التغيير المستمر المطلق كبير التكلفة، عظيم المؤنة.

لذا لابد من امتلاك ما يكفي من الخيال والوعي للإحساس بالنهاية التي نتطلع إلى الوصول إليها.

وحتى تتخلق الأشياء في الواقع فإنه ينبغي أن تتخلق في الذهن أولاً، وتستقر في اللاشعور وتختلط بمبادئ المرء وأحاسيسه، وآنذاك يمكن للحياة أن تتنمط في الذهن وفق مقتضياتها.

ولابد للإنسان حتى يتجدد من أن يوقن أن في إمكانه أن يغير عاداته الفكرية وسلوكاته.

بعض الناس يخشى من التغيير، وبعضهم يشعر بنوع من الشلل وانعدام الحيلة، ويظن أنه ليس في الإمكان أبدع مما كان، فيستسلم لأحواله الحاضرة، فيخرج من عصره وتتضاءل فاعليته.

إن التجديد مشروط بالقدرة على مجاهدة الأهواء والأوهام والكسل والإخلاد إلى المألوفات واليأس من إمكانات التقدم. وإذا نظرنا في سير المصلحين العظام وجدنا أنهم دائماً يتخذون من الأشياء الإيجابية الصغيرة جسراً للتغيير والتحسين، وما كان للواحد منهم أن يفعل ما فعله لولا إيمان راسخ بوجود إمكانات الانتقال نحو الأفضل، ولولا تمتعهم بالقدرة على العمل اليومي الشاق. أي علينا أن نغامر لنجدد.

M.alwohaib@gmail.com

@mona_alwohaib

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي