النوخذة معيوف حمود ناصر البدر شخصية العدد رقم 78: من مجلة الرسالة... «رسالة الكويت».
«الرسالة» أحد المنابر الثقافية والأدبية والتاريخية، دورية تصدر عن مركز البحوث والدراسات الكويتية، حيث مضى على المجلة عقدان من الزمان، ومازالت تصدر بجهود الأستاذ الدكتور عبدالله الغنيم الذي يسطّر الوثائق، وينشر صفحاته من كفاح الشعب الذي استوطن أرضا بكراً وسواحل فأحياها، حتى صارت مركزاً تجارياً لخريطة تبدأ من البصرة إلى دول الخليج العربي.
وقرب السواحل الإيرانية كان الشعب الكويتي يصارع البحار، من الأسر الغنية والفقيرة فسوّق منتجات العراق، من تمور وحبوب ويأتي من أموال البيع في السواحل الأفريقية والهندية الشرقية وجزرها بما تحتاج إليه أسواق الكويت، ويجلبها بالسفن الشراعية التي هي من صنع أبنائه.
اعتمد الشعب العراقي على أهل الكويت في تسويق منتجاته وجلب حوائجه من الأخشاب والبهارات والمصوغات الذهبية، لأن الشعب العراقي لا يخرج من نطاق الأنهر في الأبلام الصغيرة، والسّفن التي تجلب التمور والحبوب ليست من العراق بل من إقليم الأهواز ونطلق عليها اسم البصارة، فالتمور والخضار هي من سُفن الأهواز التي تأتي إلى الكويت، لأن الشعب العراقي من البصرة وما حولها لا يُحسنون ركوب البحر، ولا يملكون سفن البحار... وما كنا نطلق على السفن التي تجلب التمور والخضار اسم البصارة هي من الأهواز التي كانت جزءاً من العراق ولا نعرف اسم الأهوازيين بل نقول من البصرة.
المتطلع على التاريخ البحري من خلال ما كتبه الأجانب يجد أنهم أبدوا إعجابهم بالنواخذة والبحارة الكويتيين، وأهل الخليج الذين يتحلّون بالشجاعة والبسالة والقوة رغم أجسامهم النحيفة الهزيلة.
***
... وسلط الأستاذ فيصل عادل الوزان، الضوء في شخصية العدد من «الرسالة» على النوخذة معيوف حمود ناصر يوسف البدر، وهو من الرجال الشجعان الذين صارعوا البحار، وتحمّلوا مخاطره وأهواله لمدة 36 عاماً...، وشهد لشجاعته وإحاطته بعُلوم البحار من خطوط العرض والطول والاهتداء بالنجوم.
وأشاد ببطولة البدر قبطانان، أحدهما القبطان الاسترالي ألن فليبرز، وشهد له بإحاطته بعُلوم البحر، فاجتمع به فليبرز في ديوان الحمد بدمنة السالمية سنة 1939 وكتب عن البدر في كتابه «أبناء السندباد»... وكتب عنه الدكتور يعقوب يوسف الحجي.
النوخذة معيوف حمود ناصر البدر، من أسرة عريقة ارتبطت بالبحر والتجارة بالنقل البحري في نقل الخيول الى الهند، رغم الوجود الإنكليزي في الهند مع السفن التجارية.
النوخذة معيوف البدر عَرِف علوم البحار من أسرته، حيث جده الثاني يوسف عبدالمحسن البدر، وجده الأول ناصر يوسف البدر، أما والد معيوف فهو نوخذة الغوص، الشاعر الشعبي ناصر البدر قال في معركة الصريف قصيدة طويلة، غنّاها الفنان المطرب عبدالله فضالة، جاء مطلعها:
ياراكبين أكوار ست تبارا
فجّ النحور أفحاز ما بين الأزوار
إنّ «مجلة الرسالة» كتبت عن التاريخ البحري الاجتماعي وعبقرية النّواخذة في اجتياز أعالي البحار، رغم المخاطر، وهناك أسر انقرضت حيث ابتلع البحر الأب وأبناءه في سبيل العيش، وصارت «مجلة الرسالة» مرجعاً للحياة الاجتماعية والتاريخية لحياة الشعب المكافح الذي وفّر الدخل القومي لدولة الكويت.
تحيّة للأستاذ الدكتور عبدالله يوسف الغنيم على جهوده القيّمة في تحرير «مجلة الرسالة».