No Script

إيران تُعلن أنها «تستطيع انتظار» رئيس أميركي... آخَر وآخَر وآخَر

واشنطن وطهران... و«شهية» إحياء الاتفاق النووي؟

تصغير
تكبير

لم يُعلن لغاية اليوم عن «الموت السريري» للاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة، بسبب حاجة الغرب للنفط والغاز الإيراني، وللتأكد من أن طهران لن تصنع القنبلة النووية ولإبقاء مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية الشديدة على برنامجها النووي.

وتالياً، فإن إعلان الغرب توقف المفاوضات ووصولها إلى طريق مسدود، ما هو إلا أسلوب تفاوضي للضغط أكثر على إيران.

إلا أنه من الواضح أن أميركا بالغت في تقدير شهية إيران للعودة إلى الاتفاق ورفْع العقوبات عنها بأي ثمن، وفق مصادر.

لم تتلقّف واشنطن من اليوم الأول لحكومة الرئيس إبراهيم رئيسي، جديةَ «خريطةِ الطريق» التي رسمها بإعلانه استدارة إيران نحو الشرق وأنها ستتفاوض مع أميركا في إطار مباحثات غير مباشرة حول العودة إلى الاتفاق النووي، فقط بما يتناسب مع مصلحة «الجمهورية الإسلامية» وانها رغم حاجتها إلى أموالها المجمَّدة، إلا أنها استطاعت الاستمرار من دونها لعقود، وأن الولايات المتحدة، مهما وقّعت من اتفاقات، ستبقى العدو الأكبر لطهران من دون منازع.

منذ الأشهر الخمسة الأولى لتَسَلُّمه السلطة، وضع الرئيس الإيراني الملف النووي ضمن، وليس في أوائل، سلّم أولوياته.

وانتظر الرئيس الأميركي الجديد خمسة أشهر، قبل أن تعلن طهران عن عودتها إلى المفاوضات غير المباشرة وتعيين المفاوض علي باقري كني، لتطوي صفحةَ وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف، الذي اعتقد خطأ أن مكانة إيران ومستقبلها في حضن الغرب، خصوصاً بعد الصفعة التي تلقاها بتمزيق الرئيس دونالد ترامب الاتفاق النووي وتفويت فرصة وجود حكومة معتدلة برئاسة الشيخ حسن روحاني.

ومنذ اليوم الأول لبدء المفاوضات في عهد رئيسي، رفض باقري كني، وجود العلم الأميركي في قاعة المفاوضات لتجري المباحثات مع الوسيط الأوروبي الذي - رغم عدم انسحاب أوروبا من الاتفاق النووي - لم ينفذ أو يلتزم ببنود الاتفاق، خوفاً من العقوبات الأميركية التي هدد ترامب بفرضها على كل الدول - من دون استثناء - التي عقدت الاتفاقات والتزمت تنفيذها بعد توقيع اتفاق فيينا عام 2015.

ووجّهتْ إيران، الرسالة الأولى للعالم بعد سنة انتظارٍ من انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، برفْع مستوى التخصيب من 20 في المئة إلى أن بَلَغَ بعد أعوام، ورغم اتساع العقوبات، مستوى قياسياً بوصوله إلى 60 في المئة وتطوير أجهزة الطرد المركزي من الجيل الأول إلى الجيل التاسع.

وأبقت إيران على 40 كاميرا تابعة للوكالة الذرية تراقب عمل المفاعلات النووية بعدما أغلقت فقط 27 من هذه الكاميرات المتصلة عبر الأقمار الاصطناعية والتي ترصد أنشطة إيران النووية.

وردّت إيران على كل الأعمال التخريبية والهجمات الإسرائيلية بشكل مباشر في مضيق هرمز والعراق أو غير مباشر من خلال حلفائها، ولا سيما في فلسطين، ورفْع مستوى دعمهم.

بالنسبة للغرب، بلغت إيران «حافة الهاوية» باكتسابها العِلم الكافي لصناعة القنبلة النووية، وبتطوير صواريخها الدقيقة ومسيَّراتها الانتحارية والاستطلاعية والمسلّحة، وتصدير علم الصناعة العسكرية لحلفائها.

وكانت رسالة إيران، للغرب: لن نركع مهما عظمت التحديات، وفي الوقت نفسه نحن على استعداد للتعامل على قدم المساواة وعدم صنع القنبلة النووية، وعلى الغرب رفْع كل العقوبات وإعادة الأموال المجمَّدة.

وأخطأت أميركا باعتقادها أن «الجمهورية الإسلامية» ستضعف أو سترتمي في أحضان بايدن بدل ترامب. فهي لا تفرّق بين رئيسٍ أميركي ديموقراطي أو جمهوري مثلما لا تفرّق بين رئيس وزراء إسرائيلي يميني أو يميني متطرف.

وتالياً، فإن إيران تَبقى على موقفها المُواجِه لأي خطوة أميركية أو إسرائيلية، رافضة مبدأ «أعطِ خدك الأيسر» إذا ضربها أحد على خدّها الأيمن.

وذهب رئيسي إلى الأمم المتحدة، ومعه المبعوث الخاص للملف النووي، ليُبْقي الباب مفتوحاً للغرب من دون أن يغيّر موقفه من مطالبات الوكالة الذرية، وبتقديم ضمانات لطهران إذا انسحبت واشنطن مجدداً من الاتفاق.

إيران تقترب من عضوية منظمة شنغهاي، التي تضم نصف سكان الكرة الأرضية، وتستطيع، وفق ما تعلن، انتظار رئيس أميركي آخَر وآخَر وآخَر، وعدم الرضوخ لشروط لا تتناسب مع مصلحتها.

ويبقى «حائك السجاد الإيراني» أكثر صبراً من «الفيل الأميركي»!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي